وصف سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية خلال المؤتمر المشترك مع كيري في الرياض الخلافات السعودية الأميركية، «بأنها خلافات تكتيكية، وليست خلافات على الأهداف في شأن ما يجري في سورية»، وقال: «نحن متفقون على أنه لا مكان لبشار الأسد في سورية، وهذا هدف مشترك، أما ما يتعلق بالخلافات فهي لدينا خلافات تكتيكية، وليست لدينا أي خلافات حول الأهداف». ورد كيري: «الولاياتالمتحدة تثمن الدعم السعودي للمعارضة السورية، والتزامها القوي بحل سياسي للأزمة، وقلنا إن هناك حلاً واحداً للأزمة وهو التفاوض، ونحن جميعاً نؤمن أنه يتوجب علينا عقد اجتماع «جنيف2»، والانتقال إلى سورية جديدة، والاستمرار في الاستشارة السعودية والتحالف مع المعارضة السورية». يتبين من التصريحات الأميركية أن الحل العسكري لم يعد خياراً مطروحاً على الطاولة، بعد أن رحب مسبقاً كيري بتجاوب بشار مع بعثات مجلس الأمن المكلفة بالتخلص من الأسلحة الكيماوية، ويدل أيضاً على أن نتائج «جنيف2» أيا كانت، لن يكون بشار الأسد ملزماً بتنفيذها تحت البند السابع، ونتيجة ذلك أن لا تدخل عسكرياً قبيل مسرحية «جنيف2» ولا بعدها ولا يوجد مزيد من الخطوط الحمراء لأوباما. كيري صرح بأنه لن يسمح باستمرار عدم التكافؤ العسكري الموجود في سورية لمصلحة بشار الأسد، وهذا تصريح مخيف أكثر من كونه مطمئناً، لأن مرحلة التساوي بين طرفين متقاتلين، تذكرنا تحديداً بالحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمانية أعوام من دون حسم، وهو سيناريو لا تحتمله سورية، ولا تحتمله دول الجوار الضعيفة اقتصادياً، إذ قارب عددهم في لبنان 800 ألف وفي الأردن 600 ألف بحسب أرقام اليونيسيف. نقطة التكافؤ قتالياً تجدد دائماً لفكرة التقسيم، والتي يجب ألا نستبعدها في الشرق الأوسط بعد أن أصبح السودان المقسم واقعاً معاشاً، كما أن إسرائيل التي لا يمكن أن تتم تسوية في سورية بشكل لا توافق عليها، يُعد سيناريو التقسيم أحد أفضل السيناريوهات المرغوبة من تل أبيب، وإن كان استمرار القتال وتحول سورية إلى دولة فاشلة تحتاج عقوداً بعد الحرب لالتقاط الأنفاس هو السيناريو الأكثر تفضيلاً. دول الخليج وكل القوى الإنسانية التي تريد نجاة الشعب السوري من السفاح بشار الأسد عليها الإدراك أن «جنيف2» هو مؤتمر تتفاوض فيه القوى بحسب ما تملكه، لا بحسب نبل المبادئ أو خستها، لذا يجب أن يكون الدعم ومحاولة تغيير الواقع عسكرياً، وربما يكون الحليف الوفي للسعودية والخليج والمخضرم عسكرياً «باكستان» الأقدر على ذلك، عبر غرفة العمليات المشتركة في الأردن. لأن من يريد تغيير الوضع على الأرض في سورية لمصلحة المعارضة، عليه إما أن يدعم الجيش الحر بالقدر الذي يُسقط النظام والقاعدة معاً، أو يستطيع دفع الثمن الذي يثني روسيا وبدرجة أقل من إيران عن الاستمرار في التمسك ببشار الأسد، ما عدا ذلك سيكون اجتماع «جنيف2» أشبه بحفلة هالوين (عيد القديسين) الذي يتنكر فيه الحاضرون. إذ سيرتدي كيري قناع سفير الديموقراطية، وسيرتدي لافروف قناع التنويري الباحث عن حماية الأقليات، وقمة الوقاحة ستكون قناع نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل الذي يريد ارتداء ثوب المعارض، وسيكون الفارق الوحيد أن موعد الهالوين في 31 أكتوبر، وموعد «جنيف2» عصي على التحديد. [email protected] aAltrairi@