في واحدة من أحلك الفترات على أمن السعودية والخليج، إبان غزو صدام حسين للكويت وحشد قواته على الحدود السعودية، كان السؤال المطروح عن مدى الثقة في أن أميركا دولة حليفة ستحمي حلفاءها، وعندها سأل الأمير بندر بن سلطان الرئيس جورج بوش الأب: نحن بحاجة إلى معرفة المدى الذي يمكنكم الذهاب إليه؟ وكان رد بوش: إذا طلبتم عوناً من الولاياتالمتحدة فإننا سنمضي معكم إلى النهاية. وفي مساء 25 حزيران (يونيو) 1996 حدث تفجير الخبر الذي استهدف مجمعاً يضم عسكريين أميركيين وفرنسيين وبريطانيين، يعملون على فرض حظر الطيران الذي ترعاه الأممالمتحدة في العراق، وبعد عامين من التحقيقات وتحقق السعوديين من أن إيران تقف خلف التفجير، بل حتى لويس فريه الرئيس السابق للإف بي آي أكد أن اعترافات المتهمين وطبيعة المادة المتفجرة تدل على أن إيران تقف وراء التفجير. كان إعلان مسؤولية إيران عن الحادثة من دون نية حقيقية في معاقبة إيران، يعرض السعودية لخطر رد فعل انتقامي من إيران، فقد تخلت إدارة كلينتون عن مصالحها في التحقيق في انفجار الخُبر، وبدا الثابت الوحيد في تفجير الخبر هو السياسية الأميركية المائلة نحو إيران، وذلك خلال فترة خاتمي، وكانت قمة البراغماتية ما قاله ساندي بيرغر مستشار الأمن القومي لكلينتون، حين أجاب رئيس الإف بي آي بعد انتهاء التحقيق، إذا لم يكن أحد آخر يعلم بتورط الإيرانيين «فأبق فمك مغلقاً». التفاصيل أعلاه التي وردت في كتاب الأمير لوليام سيمبسون الذي يروي كواليس عمل الأمير بندر بن سلطان، خصوصاً في الفترة التي قضاها سفيراً خلال رئاسة جورج اتش بوش وبيل كلينتون التي تقودنا لفهم بعض تصرفات حكومة أوباما اليوم، فوزير الخارجية كيري يشكر بشار الأسد على خطوات تفكيك سلاحه الكيماوي، ثم يأخذ أوباما بالأحضان انفتاح إيران النووي. الديموقراطيون في أميركا كانوا دائماً يتعاملون مع الطرف المخرب، ويتوددون له، ويسعون إلى عقد الصفقات على من يبدي القدرة على إحداث الضرر، ودائماً ما كان الإيرانيون يأتون بإصلاحيين في فترات حكم الديموقراطيين، فما حدث في فترة كلينتون - خاتمي ثم أوباما - روحاني، يؤكد أن ما أشبه اليوم بالبارحة، بل حتى إنهم يتخلون عن مبادئهم في براغماتية فجة، وذروة التخلي عن الديموقراطية كان إبقاء المالكي رئيساً للوزراء بعد فوز إياد علاوي بالانتخابات. اليوم تغير الوضع في المنطقة عن التسعينات، ولكن المملكة أيضاً تغيرت وودعت السياسة الهادئة، وكان موقف المملكة في ما حصل في سورية ومصر قوياً وصريحاً، وكان أيضاً في الموقف المعارض للسياسة الأميركية، السعودية أثبتت أن لها مصالح وتحالفات، لكن ليست تابعة لأحد، كما أنها لا تستطيع أن تتخلى عن دورها العربي والإسلامي من قضايا المنطقة. وهذا ما يقودنا إلى فهم غضب السعودية عبر سحب كلمتها في الأممالمتحدة، ثم رفض الحصول على مقعدها في مجلس الأمن بعد جهد ديبلوماسي حثيث، كرد فعل قوي وغير مسبوق على تصرف الإدارة الأميركية تحديداً في ملفات المنطقة من تسليم العراقلإيران والتغاضي عن قتل بشار شعبه، والتعامل مع التهديدات الإيرانية بالمساومات النووية، وقبل ذلك تخاذلها في قضية العرب الرئيسة فلسطين التي يستبيحها نتنياهو بالمستوطنات صباح مساء. [email protected] @aAltrairi