تنحصر الصور التي تصل إلينا من قطاع غزةوالضفة الغربية بتلك التي توثق تداعيات الحروب والعمليات الإسرائيلية والحصار، حيث برزت صور مراهقين يرمون الحجارة في وجه الجنود الإسرائيلين وآخرين في مخيمات اللاجئين، وحداد الأمهات على أطفالهن الذين قضوا في الحرب، أو الطوابير الطويلة عند نقاط العبور الحدودية. لكن المصورة الأردنية، تانيا حبجوقة التي تميزت في عالم التصوير وربحت عدداً من الجوائز، غيّرت هذه الحالة النمطية، بفضل رؤيتها المميزة وأخرجت من غزةوالضفة الغربية صوراً أكثر فرحاً وجمالاً ومتعةً. خولت الرؤية الفريدة التي تتمتع بها حبجوقة وشغفها، لإكتشاف الحياة الفلسطينية اليوم بنظرة أكثر تفاؤلية، من خلال مشروعها "المتعة الفلسطينية" الممول جزئياً من صندوق الطوارئ في مؤسسة "ماغنوم" الأميركية. وتانيا هي من مؤسِّسات جمعية "راوية" التي أطلقتها مصورات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط. "أحسست أن عليّ أن أحكي قصة، وألاّ أحتفظ بها لنفسي، بل أن أقدمها لأولادي أيضاً"، بهذه الكلمات اختصرت تانيا الإلهام الذي ولّد عندها رغبة إنجاز المشروع، وذلك في حديث إلى صحيفة "نيويورك تايمز". تعيش تانيا اليوم في القدسالمحتلة وهي متزوجة من محام فلسطيني ولديها طفلان. تركز تانيا في إختيار مواضيع صورها على المتعة بدلاً من المعاناة، وعلى إبراز الفكاهة في الصورة، وتختار أبطالها من الحياة الفلسطينية اليومية إن كان في الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل أو في غزة التي تخضع لحصار إسرائيلي خانق، فتظهرهم فرحين على رغم القهر. وتضيف تانيا: "أشعر بالرهبة ليس فقط لصمود الفلسطينين، بل أيضاً لاستمتاعهم في الواقع بحياتهم على رغم صعوبات الحياة اليومية والوضع السياسي". وتتحدث تانيا عن تجربتها أثناء المشروع قائلة: "حين كنت أخبر الناس عمّا أريد أن أفعل، كانوا يعبرون عن استيائهم، ويرجعون سبب الإستياء إلى أنه من الصعب إيجاد أشياء جيدة في ظل الظروف التي يعيشونها"، مشيرة إلى اضطرارها دائماً لشرح المشروع للناس وبخاصة في "قطاع غزة في ظل المحن والقلق". وتقول المصورة إنه "بعد وصف المشروع، كنت أسأل الناس كيف لهم أن يتجاوزا أوضاعهم لإيجاد المتعة أو للهروب، أبدوا جميعاً الاستعداد ليكونوا أبطال الصور". تتنوع صور تانيا في هذا المشروع من صور لفتيات ونساء يمارسن اليوغا، وفتيات وهن يتحضرن في غرفتهن، ومجموعة من الناس تحت شجرة زيتون. كما اختارت أماكن عدة للتصوير مثل الجدار الفاصل والأنفاق والشاطئ وطغت على صورها روح الأمل. وسبق أن عملت المصورة على سلسلة صور تحت إسم "المرأة في غزة" عام 2009. واكتشفت "الدور الحقيقي للمرأة خلال حكم حماس، ولم تشعر بأن حماس هي القوة المسيطرة، لكن عند عودتها في عام 2013 وجدت أن حماس تمارس سيطرة على السلوك العام. وحتى الناس الذين كانوا متعاطفين سياسياً معها يشعرون بأنهم مظلومون". وتتحدث تانيا عن رغبات الشباب الفلسطيني وطموحاتهم الصعبة التحقيق بسبب القيود المفروضة من قبل إسرائيل على سفر الفلسطينيين بين غزةوالضفة الغربية، وتقول إنها تعرفت على عدد من الشباب الغزيين الذين يحلمون بالعيش في رام الله، وعلى شباب من الضفة الغربية يريدون أن يتعرفوا على تفاصيل الحياة في غزة. وتضيف أنه "على رغم انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005، هناك عدد قليل من العلامات التي تدل على الوجود السابق للإحتلال الإسرائيلي. أما الآثار المترتبة على الحصار الإقتصادي فهي واضحة جدا". إستطاع مشروع المصورة تانيا حبجوقة "المتعة الفلسطنية"، أن يلملم من الفلسطينيين فرحاً قليلاً موجوداً فيهم وبينهم، وحفظه في صور، وعرضها على الملأ. فأثبتت إصرارهم على الحياة على رغم كل الأحداث السابقة وما يتعرضون له من الاحتلال والحصار.