دافوس ودبي، منصّتان أكّدت إيطاليا من خلالهما بروز ملامح إيجابية جداً لاحتمالات تجاوزها عنق الزجاجة في الأزمة الاقتصادية التي ضربتها ومنطقة اليورو خلال السنوات الخمس الأخيرة، ووضعت الاقتصاد الإيطالي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والافلاس. وبدا رئيس الحكومة الايطالية إنريكو ليتّا واثقاً جداً في قدرة بلاده على استقطاب الاستثمار الخارجي والخليجي تحديداً، حين أكد في مستهل جولته الخليجية الأولى من الإمارات على ضرورة «الاستفادة من الفرص المتاحة أمام رؤوس الأموال الخليجية للاستثمار في إيطاليا، عبر المشاركة في برامج تخصيص عدد من المؤسسات الإيطالية المقدرة قيمتها ب 15 بليون يورو». وكان وزير الاقتصاد الايطالي فابريتسيو ساكّومانّي أعلن في منتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع الماضي، أن هدف الحكومة الإيطالية يتلخّص ب «خفض الضرائب على العمل والشركات»، لافتاً إلى أن لدى الحكومة «تصوراً واضح المعالم في شأن سوق العمل، لأن على اقتصاد متطور وصناعي مثل الاقتصاد الإيطالي، معالجة القدرة التنافسية من منظور أوسع، وهو ما حضّنا على جدولة آلية للتخصيص ووضع مبادرات لمعالجة العبء الضريبي». لكنه اعتبر أن تكاليف الطاقة في أوروبا ومستوى فارق السندات الخاصة بخدمة الديون السيادية «صعوبات تتطلب بحثاً ومعالجة على المستوى الأوروبي». وقال: «لم يعد قابلاً للإنكار خروج إيطاليا من وضع الأزمة، كما لا يتعارض الوضع مع ما ثبّته البنك المركزي الإيطالي في تقرير كانون الأول (ديسمبر) الماضي حول ارتفاع مستوى الفقر في البلاد». ولم يغفل ضرورة استمرار «القيام بعمل كثير، لكن من دون إنكار استقرار الإقتصاد الإيطالي في الربع الثالث من عام 2013، منطلقاً بالنمو في الربع الأخير»، مشيراً إلى «مواصلة هذا النمو خلال العام الحالي». وقال ساكّوماني «إذا كان الخروج من الأزمة يعني حصول انتعاش في النشاط الإقتصادي وتجاوز احتمالات الركود، فإن التحليلات بما فيها الصادرة عن البنك المركزي الإيطالي، تشير إلى التأثير المطوّل للركود على الاقتصاد الإيطالي»، مشدّداً على «عدم التعارض بين ظاهرتي النمو والفقر، إذ فيما تخص الأولى المستقبل القريب جداً، فإن الأخرى هي نتاج لما مررنا به في الماضي». ويرجع الصدى لما أعلنه وزير الاقتصاد الإيطالي، كان رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أكد في «دافوس» بروز ملامح «مؤشرات تحسن كبيرة في الاقتصاد العالمي». وحدّد تلك المؤشرات «بما يزيد على 50 في المئة وليس في منطقة اليورو وحدها». وأضاف: «لا أعتقد أننا أنهينا عملنا» لأن بعض الأخطار لا تزال ماثلة. إلى ذلك، أكد المعهد الوطني الايطالي للإحصاء (إيستات) ازدياد ثقة المستهلكين الإيطاليين في احتمالات تحسن الاقتصاد، إذ ارتفعت معدلاتها هذا الشهر إلى 98 نقطة، بعدما كانت 96.4 في كانون الأول الماضي. وحدّد «إيستات» ارتفاع المؤشر الخاص بالأوضاع الحالية على الصعيد القومي ب95 إلى 99 نقطة، في حين لم يطرأ تغير ملموس على مؤشر الثقة في المستقبل، إذ ارتفع من 97.4 إلى 97.5 نقطة. ولم يتساوَ ارتفاع الثقة مع تطلّعات المستهلكين التي انخفضت من -18 إلى -26، كما لم يطرأ أي تغيير على التوقعات الخاصة بالبطالة، حيث ثبتت على مستوى الشهر الماضي اي 67 نقطة. وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد شدّدت على «عدم قدرتنا تأكيد انتهاء الأزمة في أوروبا، طالما لم تنعكس المؤشرات الإيجابية على وتائر ارتفاع البطالة». وأكدت: «ظهور ملامح النمو في منطقة اليورو، التي بدأت تخرج ببطء من ركود عميق». إلاّ انها حذّرت من تداعيات الصعوبات التي تواجهها سوق العمل بوجود «ما يربو على 20 مليون شخص عاطل من العمل». وتبقى مسألة البطالة والتخلخل في قيمة العمل والقوانين الضريبية وارتفاع كلفة تشغيل مؤسسات الحكومة، عقبات تواجه أية حكومة ايطالية، فضلاً عن التهرّب الضريبي وتسريب الأموال إلى الخارج في شكل غير شرعي، ما تسعى الحكومة إلى مواجهته عبر تجفيف منابع التهرّب الضريبي واستعادة رؤوس الأموال المهرّبة إلى الخارج وإلى سويسرا وعدد من «الجنّات الضريبية» الأخرى. وفي هذا الإطار أعلن ساكّومانّي من برن عن اتفاق محتمل مع سويسرا حول القضايا الضريبية المتعلقة بأموال الإيطاليين فيها. وأكد في مؤتمر صحافي بعد لقائه وزير المال السويسري قبل أيام أن «لا اتفاقات أفضل مما يضمنه نظام الضرائب الإيطالي بالنسبة إلى المتهربين من تسديدها».