وافقت أغلبية في البرلمان اليوناني على تمرير المزيد من تدابير التقشف من بينها الاستغناء عن 15 ألف موظف حكومي بحلول نهاية عام 2014، وتضمن التشريع نفسه تمديد الضريبة العقارية لعام إضافي، وتأتي هذه التدابير استجابة لشروط دائني اليونان الدوليين من أجل الإفراج عن شريحة جديدة من القروض بقيمة 8.8 مليار يورو (11.5 مليار دولار) من حزمة الإنقاذ، التي أبقت الحكومة اليونانية قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتظاهر عدة آلاف من الأشخاص في شوارع العاصمة أثينا ضد تدابير التقشف في اليونان، التي عانت على مدى سنوات انكماش اقتصادها. من جانب آخر ارتفعت الأسهم الاوروبية أمس مواصلة صعودها القوي الأسبوع الماضي بفضل تشكيل حكومة إيطالية جديدة بعد شهرين من الضبابية السياسية التي ألقت بظلالها على الأسهم، وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأهم الأسهم الأوروبية إلى 1201.62 نقطة بحلول الساعة 0710 بتوقيت جرينتش بعدما قفز 3.7 بالمئة الأسبوع الماضي بفضل توقعات بخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إثر بيانات أوروبية ضعيفة بما في ذلك تراجع الثقة في قطاع الأعمال في ألمانيا، وصعد المؤشر الإيطالي 1.3 بالمائة عقب تنصيب انريكو ليتا الذي ينتمي ليسار الوسط رئيسا للوزراء في مطلع الأسبوع، وقال مايكل هيوسون المحلل في سي.ام.سي ماركتس : «إنه تطور ايجابي، لكن لا أتبنى موقفا بناء تجاه الأسهم الاوروبية» ، مشيرا لضعف التوقعات الاقتصادية في أوروبا، وارتفع مؤشر الأسهم الايطالية 1.8 بالمائة منذ بداية العام وكان أداؤه أضعف من مؤشر يوروفرست 300 الذي زاد 5.5 بالمائة، وكانت الانتخابات غير الحاسمة في ايطاليا في فبراير جددت المخاوف بشأن وتيرة الاصلاح الاقتصادي في البلد المثقل بالديون. وعلى صعيد متصل يخطط وزير الاقتصاد الإيطالي الجديد فابريتسيو ساكوماني لخفض الضرائب والإنفاق العام وتكلفة الاقتراض، وأدى ساكوماني نائب محافظ البنك المركزي الإيطالي سابقا اليمين القانونية لتولي منصب وزير الاقتصاد في الحكومة الائتلافية الجديدة لرئيس الوزراء إنريكو ليتا التي تضم سياسيين من يمين الوسط ويسار الوسط، إضافة إلى تكنوقراط مثل ساكوماني، وأشار ساكوماني الى أنه يريد “إعادة هيكلة ميزانية الدولة” لدعم الشركات وذوي الدخول المنخفضة، إضافة إلى خفض بعض الإنفاق العام غير المثمر لتدبير الموارد اللازمة لخفض الضرائب، وأضاف إن الثقة التي ستنتج عن تلك الإجراءات يمكن أن تدفع تكلفة اقتراض إيطاليا إلى الهبوط بشكل حاد، وتابع إن الفارق في أسعار الفائدة بين السندات الإيطالية القياسية ونظيرتها الألمانية الأكثر أمانا الذي ينظر إليه غالبا كمؤشر رئيس لثقة المستثمر يمكن أن يتراجع إلى نقطة مئوية واحدة أو أقل من مستواه الحالي عند نحو ثلاث نقاط، وأوضح ساكوماني إنه من المهم تبديد الشكوك السياسية وغرس الثقة لإعطاء دفعة للاقتصاد الإيطالي المكبل بالركود، ولعمل ذلك قال الوزير : إنه سيقترح “معاهدة” بين البنوك والشركات والمستهلكين لدعم الاقتراض والاستثمارات والاستهلاك، ولم يذكر مزيدا من التفاصيل حول ما تتضمنه تلك المعاهدة، ويواجه ساكوماني مهمة صعبة لإنعاش الاقتصاد دون مزيد من الأعباء والمخاطر للمالية العامة، وقال ديتمار هورننج المحلل لدى موديز للتصنيفات الائتمانية : إن المالية العامة في إيطاليا لديها مجال محدود جدا للمناورة بعدما تجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مستويات كانت مرتفعة بالفعل، وأضاف هورننج : إن روما تحتاج إلى تعزيز قدراتها التنافسية من خلال إصلاح سوق العمل رغم أنه سلم بأن فرص إحراز تقدم في الإصلاحات الاقتصادية تبدو “ضعيفة للغاية”، وثبتت وكالة التصنيف الائتماني موديز تصنيف الدين الإيطالي رغم الأزمة السياسية المستمرة، مؤكدة إن إيطاليا تمكنت من تحقيق فائض في حساباتها العامة قبل تسديد دينها. من جهة أخرى أوضح الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند إنه لن يردعه التباطؤ الاقتصادي، والتراجع القياسي في شعبيته بعد مرور أول عام له في السلطة، مضيفا إن فترة ولايته الرئاسية ومدتها خمسة أعوام ستحقق نتائج مع مرور الوقت، وفي تصريحات لمراسلي رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية قبل أسبوع من مرور عام على الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو عام 2012، وفاز فيها اولاوند على نيكولا ساركوزي، تجاهل الرئيس الفرنسي نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن نسبة شعبيته بلغت 25٪، وهي أقل نسبة شعبية لرئيس في فرنسا خلال أكثر من نصف قرن، وقال اولاوند : “أدرك مدى صعوبة الوضع. من مهام الرئيس أن يمضي قدما في طريقه وينظر إلى ما هو أبعد عن عواصف اليوم. هذا يسمى مثابرة. يمكن أن ينتقد الناس قراراتي ويعتقدون أنني أسير في الطريق الخطأ أو لم أتخذ الطريق الصحيح، لكني متأكد من شيء واحد وهو أني اتخذت قرارات كبيرة لفرنسا خلال عشرة أشهر أكثر من أي قرارات اتخذت على مدار عشرة أعوام”، ويعاني أولاند ضغوطا من قطاع الأعمال الذي يطالب بخفض الضرائب وتكاليف العمالة وشركاء فرنسا في منطقة اليورو الذين يطالبون بخفض الميزانية والمواطنين الرافضين إجراءات التقشف.