تواصلت التحقيقات في التفجير الانتحاري الذي استهدف مساء اول من أمس السبت بسيارة «غراند شيروكي» محطة الأيتام للوقود في مدينة الهرمل البقاعية، وأدى الى سقوط ثلاثة مواطنين و28 جريحاً. وتابعت المباحث العلمية والجنائية عمليات المسح الميداني، وعثرت على أجزاء من جمجمة الانتحاري وخصلات من شعره. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية ان «الشرطة القضائية انجزت جمع الأدلة من مكان التفجير، وعملت فرق تابعة لمؤسسة «جهاد البناء» وبلدية الهرمل على حصر الأضرار في المؤسسات والبيوت والمحال المجاورة وإحصاء السيارات المحترقة. وأنجزت فرق الصيانة التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان أعمال التصليح وإعادة التيار، فيما يواصل الجيش والقوى الامنية فرض طوق امني في المكان. الى ذلك، نقلت شاشات تلفزة، عن إحدى كاميرات المراقبة الموضوعة حول المحطة، لحظة وقوع الانفجار الذي أدى عصفه إلى تطاير الزجاج. كما رصدت كاميرات المراقبة في اللبوة السيارة وهي في طريقها إلى الهرمل، وفق ما ذكرت «ال بي سي»، التي أشارت إلى أن الشريط أصبح في حوزة الأجهزة الأمنية. وإلحاقاً ببيانها السابق، اعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان امس ان «وبنتيجة كشف الخبراء العسكريين على موقع الانفجار الذي حصل مساء امس قرب محطة «الايتام» في مدينة الهرمل، تبين ان كمية المتفجرات المستعملة تتراوح ما بين 25 و30 كلغ، وهي عبارة عن مواد متفجرة وعدد من القذائف والرمانات اليدوية». وقوبل التفجير بتنديد دولي ولبناني واسع ابرزه من مجلس الامن الذي دان في بيان «التفجير الارهابي الجديد الذي وقع في مدينة الهرمل». ودعا مختلف الاطراف الى «الامتناع عن اي تورط في الازمة السورية». وأعلن مارتن نيسيركي الناطق باسم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أن «بان يدين تفجير الهرمل بشدة ويعبّر عن مواساته لأسر الضحايا». وفي لبنان امل رئيس الجمهورية ميشال سليمان «ان يتعظ اللبنانيون، قيادات ورأياً عاماً، مما يحصل من اعمال ارهابية وإجرامية توقع الضحايا وتخلّف الخراب والدمار والقلق في النفوس». وطلب سليمان وفق بيان مكتبه الاعلامي الى «الأجهزة الأمنية والقضائية بذل اقصى الجهود والتشدد في ملاحقة المحرضين والمرتكبين وتوقيفهم ومحاسبتهم»، كما جدد الدعوة للقيادات السياسية بنوع خاص، الى «التبصر في ما يتربص بالوطن من مخاطر وتهديدات والتصرف تالياً بوحي المصلحة الوطنية من طريق تمتين الوحدة بين ابناء الوطن وتغليب نهج الحوار والتلاقي بما يصب في خدمة وطننا ومصلحة أبنائه وحقهم في العيش الآمن والحر والكريم». ورأى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، أن «الشعب اللبناني بات كل يوم على موعد مع جريمة تستهدفه لكن ليس من اسرائيل، العدو القومي والوطني، بل نتيجة انعكاس الصراع في سورية على بلدنا». وقال: «بالأمس تعرضت قرى عكار لقصف مجرم قتل أبرياء وهدم منازل مواطنين عزل، وبالأمس ايضاً وقعت جريمة تفجير إرهابية جديدة في مدينة الهرمل أسفرت عن سقوط شهداء جدد من اهلنا في هذه المدينة العريقة بعد ان كانوا ينعمون حتى الامس بالهدوء والاستقرار. نحن بطبيعة الحال نستنكر بشدة هذه الجرائم الارهابية، لكن الاستنكار وحده لم يعد ينفع، فالأفعال تكون بالخطوات التي تبعد لبنان فعلاً عن الازمة في سورية». أضاف: «ان حماية لبنان من مخاطر انعكاسات الازمة السورية تكون بوحدة الشعب اللبناني وبدعمه الدولة بمؤسساتها السياسية والامنية والعسكرية لكي تواجه الارهاب والإجرام، لكن يجب ان يترافق ذلك مع خطوات ضرورية، اولاها انسحاب «حزب الله» من القتال في سورية والعودة الى لبنان والثانية تكون بتسليم الامن على الحدود اللبنانية- السورية للجيش اللبناني مدعوماً بقوات الطوارئ الدولية». سائلاً الله ان «يحمي لبنان من المشاريع الانتحارية والارهابية». واعتبرت النائب بهية الحريري ان «التفجير الارهابي الذي طاول من جديد منطقة الهرمل، هو جريمة أخرى ترتكب بحق جميع اللبنانيين وتضاف الى ما سبقها من تفجيرات في مناطق مختلفة ومن اعتداءات على قرى حدودية كان آخرها في عكار وقبلها عرسال وغيرها من محطات دموية في مسيرة آلام هذا الوطن. والواضح ان الاستهداف واحد لكل لبنان والهدف مكشوف وهو ذر بذور الفتنة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد». وقالت ان هذا يتطلب لمواجهتها وإفشالها، «مسؤوليات مضاعفة من الدولة في تحصين الساحة الداخلية وحماية الحدود، ومن اللبنانيين مزيداً من التماسك والتمسك بوحدتهم وسلمهم الأهلي، ومزيداً من الإصرار على بقاء لبنان القوي بتنوعه وعيشه الواحد». ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أن «الأولوية وطنياً في هذه المرحلة هي مواجهة هذه الجماعات التكفيرية، وهذا ما يجب أن يندرج كأولوية في طليعة برنامج عمل الحكومة المقبلة». واعتبرت «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان أن «هذا العمل الارهابي جريمة بشعة وعمل بربري إجرامي واستهداف لكل لبنان والشعب اللبناني على اختلاف انتماءاته السياسية والحزبية وطوائفه ومذاهبه ويستهدف العيش المشترك بين جميع أشقائنا اللبنانيين». وتلقى السيد علي محمد حسين فضل الله عدداً من الاتصالات المستنكرة للتفجير، من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومن نواب كتلة «المستقبل» في البقاع الغربي، جمال الجراح وزياد القادري وأمين وهبي.وأكد نواب «المستقبل»، «إدانتهم ورفضهم لهذا الاعتداء على هذا الموقع الإنساني والرعائي والخيري المنفتح، الذي تشكله جمعية المبرات الخيرية»، مؤكدين «الثقة الكاملة باستمرار مؤسسات فضل الله على القيام برسالتها الوحدوية بين المسلمين وجميع اللبنانيين».