رغم مضي 9 سنوات من حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، انطلقت من لاهاي أمس أعمال المحكمة الخاصة بلبنان، التي تحاكم غيابيا 4 متهمين منتمين ل"حزب الله"، كان قد رفض الحزب تسليمهم في تعنت وتحد للإرادة الدولية. وصبيحة بدء المحاكمة، استيقظت لبنان على وقع انفجار سيارة مفخخة على مقربة من السرايا الحكومي في الهرمل، وأوقع 3 قتلى وعشرات الجرحى. المدعي العام في قضية اغتيال "الحريري"، نورمان فاريل، قال أمام المحكمة الخاصة بلبنان، إن الانفجار الضخم الذي أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق و21 آخرين، لم يكن مجرد اغتيال سياسي، بل عملا إرهابيا هدفه نشر الذعر بين اللبنانيين. وبموازاة أولى جلسات المحاكمة، أصدرت كتلة المستقبل بيانا أكدت فيه أن انطلاق أعمال المحكمة الخاصة بلبنان "إيذانٌ بأنَّ حق الشهداء لن يضيع، وأن المجرم لن يفلت من العقاب"، فيما استنكرت كذلك التفجير الإرهابي في الهرمل، ودعت في بيانها إيران لربط أقوالها بالأفعال، لافتة إلى أن الكلام المنمق لا يكفي وحده. مع انطلاق جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي لمحاكمة قتلة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ورفاقه، تحولت الأنظار إلى بلدة الهرمل، حيث انفجرت سيارة مفخخة صباح أمس وسط المدينة بالقرب من السرايا الحكومية، موقعة 3 قتلى وعشرات الجرحى، نقلوا إلى مستشفيات المدينة، كما تسبب الانفجار في احتراق عشرات السيارات وألحق أضراراً مادية في المؤسسات التجارية وفي السراي الحكومي. وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن السيارة التي استخدمت في الانفجار مسروقة. وفور وقوع الحادث حضرت الأدلة الجنائية والسلطات القضائية إلى المكان وبدأت تحقيقاتها ومعاينة مكان الانفجار، وتم الاطلاع على تسجيلات أكثر من كاميرا موضوعة في المكان تعود لأحد المصارف. كما كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، مفوض الحكومة المعاون القاضي كمال نصار، بالانتقال إلى المنطقة لإجراء معاينة ميدانية في موقع التفجير، على أن تستمر التحقيقات تحت إشرافه. وبحسب بيان للجيش اللبناني، فإن السيارة كانت مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات، وانفجرت أمام مبنى سرايا مدينة الهرمل، مما أدّى إلى مقتل 3 لبنانيين وإصابة عدد آخر بجروح مختلفة، إضافة إلى حصول أضرار مادية جسيمة. وعلى الأثر تدخّلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وفرضت طوقاً أمنياً حول المكان المستهدف، فيما حضرت وحدة من الشرطة العسكرية وعدد من الخبراء المختصين الذين باشروا الكشف على موقع الانفجار والأشلاء البشرية التي وجدت بالقرب من السيارة المستخدمة، وذلك تمهيداً لتحديد طبيعة الانفجار وظروف حصوله. ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى عدم التجمهر في المنطقة، وذلك تفادياً لحصول أي انفجار آخر، وتسهيلاً لمهمة قوى الجيش والأجهزة المختصة العاملة على إنقاذ الجرحى وإخلائهم إلى المستشفيات للمعالجة. واستنكرت كتلة المستقبل في بيان جريمة التفجير الإرهابية، معدة أنها "تخدم أعداء لبنان وأعداء الاستقرار والعيش المشترك". وطالبت الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية "بالعمل بشكل مكثف لكشف المجرمين الإرهابيين بأسرع ما يمكن لاعتقالهم وإنزال العقوبات بحقهم". وأضاف البيان "انطلاق أعمال المحكمة الخاصة بلبنان إيذانٌ بأنَّ حق الشهداء لن يضيع، وأن المجرم لن يفلت من العقاب، وأمره سيفتضح أمام الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، وسوف يحاسب على جريمته، وسينالُ عقابه العادل، وهو ما يسهم في حماية مستقبل وسلامة الحياة السياسية في لبنان". وأشارت الكتلة إلى أنها انتظرت طويلاً مع أهالي الضحايا ومع الشعب اللبناني هذا اليوم الفاصل الذي تنتهي فيه مرحلةُ الإفلات من العقاب. وتقدمت بالشكر والعرفان لكل من عمل على إنجاح مسيرة انطلاق العدالة الدولية "كي يعود حق المظلومين لأصحابه، على أساس العدل والإنصاف، وشرف المواطنة وكرامة الحياة الإنسانية. فالمطلوب من قبل أهالي الضحايا والمتمسكين بالعدالة هو محاكمة ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم الكبرى بحق لبنان واللبنانيين، فإذا كانت للباطل جولة ساد فيها الغدر والاغتيال، فللحق جولات وها قد دقت ساعته". وتوقفت الكتلةُ أمام الزيارة التي قام بها وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، إلى لبنان والمظاهر والدلالات التي رافقتها. وفي هذا الإطار لاحظت تعمد إيران الإشارة إلى أنها تدخل إلى لبنان من بوابة الدولة. وقالت: "لكن مع الأسف بعد أن طوَّعت بعض أدوات الدولة وحولتها نسخة على صورتها، وهذا ما دلت عليه تصرفات وتصريحات ومواقف وزير الخارجية عدنان منصور، الذي ظهر وكأنه ظل الوزير الإيراني ونسخة مشوهة عنه، وزيراً لا يمثل لبنان وإرادة اللبنانيين". ولفتت إلى أن دعم إيرانللبنان "لا يكون بالكلام الإعلامي والدبلوماسي المنمَّق، بل بالتوقف عن استعمال حزب الله ودفعه إلى التورط في القتال الدائر في سورية بين النظام والشعب السوري خدمة لمصالحها واستراتيجيتها في المنطقة العربية".