هز انفجار ضخم قرابة التاسعة صباح أمس مدينة الهرمل البقاعية، تبين أنه ناجم عن سيارة مفخخة من دون أن يستهدف مكاناً محدداً. وأدى إلى مقتل 3 مواطنين وجرح العشرات. وهو الانفجار الأول من نوعه الذي يسجل في المدينة، التي سبق أن تعرضت لسقوط قذائف فيها في أوقات متفرقة من الجانب السوري. وقوبل الانفجار بحملة استنكار واسعة من مختلف القوى السياسية المتحالفة والمتخاصمة، خصوصاً أن كل الدلائل الاولية تشير إلى أن الانفجار ناجم عن عملية انتحارية تبنت لاحقاً «جبهة النصرة» مسؤليتها عنه. وكانت السيارة المفخخة انفجرت في ساحة سراي الهرمل، وهي منطقة تتضمن مصارف وعيادات طبية ومكاتب حكومية، ومن ضمنها مكتب «الوكالة الوطنية للإعلام». وأدى الانفجار إلى احتراق عشرات السيارات وأضرار مادية في المؤسسات التجارية والسراي. واستهدف الانفجار في الساعة التاسعة إلا خمس دقائق عشرات الموظفين وقاصدي المكاتب الحكومية والعيادات والمارة، وبين القتلى أشلاء بشرية تناثرت في المحيط. وهرع أهالي المدينة إلى موقع الانفجار وساد هرج ومرج في المكان وسط مناشدات من قوى الأمن الداخلي والجيش بإخلاء ساحة الجريمة لإفساح المجال أمام عناصر الأدلة الجنائية لجمع الأشلاء والمعلومات. ونقلت جثث القتلى إلى مستشفى الهرمل الحكومي والجرحى إلى مستشفيي «البتول» و «العاصي» بواسطة الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني و «الهيئة الصحية الإسلامية». وتبين وفق المعلومات الأولية، أن السيارة التي انفجرت من نوع «كيا سبور» سوداء اللون تحمل لوحة رقمها 55597/ب مسروقة من إنطلياس وتعود لشخص يدعى نظرت شاهنيان. وقال بعض الجرحى ل «الحياة»، إن السيارة المفخخة كانت تعبر الطريق بموازاة بنك «لبنان والمهجر» المواجه للسراي، في اتجاه العاصي، وإنها انفجرت من دون أن تكون ركنت في المكان، علماً أن الحراسة المتخذة منذ نحو سنة في المحيط مشددة، لجهة معرفة هوية أصحاب السيارات التي تريد التوقف في المكان قبل الموافقة على ركنها. ووصل إلى موقع الانفجار مفوض الحكومة المعاون القاضي كمال نصار مكلَّفاً من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وعاين المكان ميدانياً. وقدر الخبير العسكري زنة العبوة ب35 كلغ من المواد المتفجرة. وسطر القاضي صقر استنابة قضائية إلى مديرية المخابرات في الجيش والشرطة العسكرية والأدلة الجنائية لإجراء الكشف والتحقيق الأولي. قيادة الجيش وأعلنت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان أن «قرابة الساعة 8:55 من صباح اليوم (أمس)، انفجرت سيارة مفخخة بكمية من المتفجرات أمام مبنى سراي الهرمل، ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة عدد آخر بجروح مختلفة، بالإضافة إلى حصول أضرار مادية جسيمة. وتدخّلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وفرضت طوقاً أمنياً حول البقعة المستهدفة، وباشرت وحدة من الشرطة العسكرية وخبراء مختصون الكشف على موقع الانفجار والأشلاء البشرية التي وجدت بالقرب من السيارة المستخدمة، تمهيداً لتحديد طبيعة الانفجار وظروف حصوله». إلا أن الصليب الأحمر اللبناني أوضح في بيان أن «فرق الإسعاف والطوارئ التابعة له، التي أجرت مسحاً شاملاً للمكان بالتنسيق والتعاون مع الأجهزة المعنية، وأجرت عمليات الإغاثة ونقل الضحايا، وأحصت سقوط 5 شهداء مع وجود أشلاء وأكثر من 40 جريحاً نقل الصليب الأحمر معظمهم إلى المستشفيات، أما باقي الضحايا فنقلوا بواسطة هيئات إغاثية ومدنية، وهناك بعض الحالات الحرجة تم نقلها إلى مستشفيات بعلبك. كما جرى تقديم الإسعافات الأولية لعدد من الجرحى لم تستدع حالتهم نقلهم إلى المستشفيات». وعرف من القتلى: حسين عمر، وامرأة من آل هرموش. وبلغ عدد الجرحى 26 وتراوحت إصاباتهم بين متوسطة وطفيفة والجريحة أمل نايف مرتضى حالها حرجة. وتفقد عدد من نواب المنطقة موقع الانفجار، وأدلوا بمواقف هادئة تدعو إلى الوحدة والتضامن وتلفت إلى أن العمليات الإرهابية لا تميز بين منطقة وأخرى. وقال نوار الساحلي (حزب الله) إن «الهرمل التي استهدفت بمئات الصواريخ من الجماعات الإرهابية والتكفيرية ستبقى على موقفها الداعم للمقاومة»، أما عاصم قانصوه (حزب البعث) فدعا السياسيين إلى «التداعي لموقف موحد من محاربة الإرهاب وموقف من محركيه». وطالب غازي زعيتر (كتلة الرئيس نبيه بري) ب «العمل الجاد لقطع الطريق على العابثين بأمن الوطن والإسراع في تشكيل حكومة جامعة». وفيما استنفرت وزارة الصحة كل مستشفيات البقاع لكل الحالات التي تصل إليها، توالت ردود الفعل المستنكرة للاعتداء الإرهابي. ورأى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه «حلقة جديدة في مسلسل الإجرام الذي يستمر المتضررون من الاستقرار على الساحة اللبنانية في تنفيذه»، لافتاً إلى «أن تحصين الساحة في وجه هذه المجموعات الإرهابية يستوجب التضامن القيادي والشعبي ويفرض قيام حكومة جامعة سريعاً لمجابهة هذه التحديات ومواجهة هذه المخاطر». ونوه سليمان بجهود الجيش والقوى الأمنية، طالباً منها «تكثيف نشاطها للوصول إلى المحرضين والمرتكبين وسَوْقهم إلى العدالة التي لا بد من أن تأخذ مجراها كما هو حاصل في لاهاي». وجدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إدانته «هذه الأعمال الإرهابية التي تضمر الشر لهذا الوطن وتهدف إلى تفجير الأوضاع والعبث بأمن اللبنانيين وأرواحهم وممتلكاتهم». ودعا في بيان إلى التوحد «فنحمي وطننا وأهلنا ونبعد أيادي الشر عن لبناننا». ودان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام «العمل الإرهابي المشين». ورأى أن «الرد الحقيقي على ما تعرض له أهلنا في الهرمل يكمن في تحسين المناخات السياسية وتفعيل التواصل الوطني لقطع الطريق أمام المستفيدين من ضعف الوضع الداخلي لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية ضد لبنان واللبنانيين». ودعا الرئيس السابق للحكومة سليم الحص إلى «الإسراع في تشكيل حكومة جامعة قادرة على الحد من التجاذبات السياسية الحادة التي لا يستفيد منها سوى أعداء لبنان». واعتبرت النائب بهية الحريري في بيان «أن الإرهاب لا يفرق بين منطقة ومنطقة ولا هدف له سوى إثارة الفتنة والإيقاع بين أبناء الوطن الواحد. إن الإرهاب المتنقل من منطقة لأخرى، لن ينجح في ثني اللبنانيين عن متابعة السير بخطى ثابتة باتجاه تحصين سلمهم الأهلي بمزيد من الوحدة والتضامن والتماسك». واستنكرت كتلة «نواب زحلة» في بيان «العملية الإرهابية التي طاولت أهلنا في الهرمل وهذا الأسلوب الهمجي الذي تدينه الشرائع والأديان السماوية». واستنكرت «الأمانة العامة لقوى 14 آذار» ب «أشد العبارات التفجير الإرهابي». ورأت أن «هذا الحادث الجبان يضاف إلى سلسلة أحداث مماثلة متنقلة من منطقة إلى أخرى». وأكدت أن «ضبط الحدود من قبل الجيش بمؤازرة القوات الدولية بحسب ما يسمح القرار 1701 هو السبيل الوحيد لوضع حد لهكذا أحداث». وحذر الحزب «الشيوعي اللبناني» في بيان «من أن هذا المسلسل الإرهابي القاتل لن يتوقف طالما تعيش البلاد مرحلة قاتلة من الفراغ السياسي والاجتماعي والأمني، وحالة من التجييش والانقسام المذهبي والطائفي المدمرة». ودان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلاملي بشدة انفجار السيارة المفخخة في منطقة الهرمل، متقدماً «بخالص التعازي إلى عائلات جميع ضحاياه». وعبَر بلامبلي في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي امس، عن استمرار «انزعاجه من تكرار أعمال العنف العشوائية خلال الأشهر الماضية في لبنان»، وجاء في البيان انه «على رغم إدراكه مشاعر الألم والغضب الناتجة من مثل هذا العنف، حض جميع اللبنانيين على ضبط النفس، ورأى أنه لا يزال دعم مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والقوى الأمنية، الطريق الأمثل للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها». وأمل بلاملي ب «أن يتم سوق المسؤولين عن هذا العمل الإرهابي والأعمال الأخرى المماثلة إلى العدالة في أقرب وقتٍ ممكن».