اتفق القادة الأوروبيون والولايات المتحدة المجتمعون في مؤتمر الأمن الدولي بميونيخ والذي ينتهي اليوم، على أن «أي بلد بمفرده لا يمكن أن يجد حلولاً» لبؤر الأزمات المتنامية في العالم. وهيمنت أحداث أوكرانيا على أجواء الدورة الخمسين للمؤتمر، لكن حيزاً مهماً خصص لمناقشة الحرب الأهلية في سورية والأزمة النووية في إيران، إلى جانب تداعيات فضيحة التجسس الأميركية في أوروبا، ومواضيع أخرى. وكانت المفاجأة مشاركة أول رئيس ألماني في المؤتمر منذ عام 1963، إذ ألقى الرئيس يواخيم غاوك خطاباً شاملاً كسر التقليد المتبع حول بقاء الرئيس بعيداً من الشؤون السياسية اليومية. ويشارك حوالى 20 رئيس دولة وحكومة في المؤتمر و50 وزير دفاع وخارجية، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن، وأكثر من 90 وفداً حكومياً. وفيما شهد المؤتمر تراشقاً كلامياً حاداً بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف حول أسباب الوضع المتفجر في أوكرانيا، أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أهمية العلاقات مع روسيا، وذكّر المشاركين ب «وجود نزاعات لا يمكن حلها بلا روسيا مثل الصراع الدائر في سورية». وأضاف في السياق ذاته: «فقط مع روسيا يمكن أن ينجح التوافق مع إيران. ومن الخطأ تشكيل مستقبل أوروبا بلا أخذ روسيا في الاعتبار، فيما يجب أن تحدد موسكو تحديد التحديات المشتركة أمام الجانبين». وعلى غرار الرئيس الألماني غاوك ووزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين، أكد شتاينماير استعداد بلاده للاضطلاع بدور أكبر في السياسة الدولية، مشدداً على أنها «أكبر من أن تقف على الهامش لتتابع ما يجري على الساحة الدولية». وبعدما أكد ضرورة أن تكون ألمانيا «مستعدة للتدخل في السياسة الخارجية بحزم وموضوعية»، أعلن استعداد برلين «كي تكون المبادر الأول لرسم سياسة أوروبية أمنية ودفاعية مشتركة». لكنه شدد على أن التدخلات العسكرية «ستبقى دائماً الحل الأخير للحكومة الألمانية». وكان حلفاء ألمانيا، خصوصاً واشنطن، انتقدوا مرات في الأعوام الماضية تهرب برلين من اتخاذ التزامات عسكرية أوروبية ودولية. ورد الوزير الأميركي جون كيري على تصريحات المسؤولين الألمان بأن «الكلام الجيد وحده في ميونيخ لا يكفي، ولا بدّ من البدء بالأفعال». أما وزير الدفاع الأميركي شاك هاغل فتكلم بلجهة أعنف قائلاً: «عندما لا يكون للدفاع عن بلدك أية قيمة فثمة خطأ ما في القيادة السياسية، وعلى الأوروبيين أن يساهموا بما عليهم». وأكد هاغل أن «ازدهار الغرب وأمنه جزء واحد لا يتجزأ»، معتبراً أن تحديث الجهاز العسكري في الصينوروسيا بالتزامن مع تراجع موازنات الدفاع على جانبي الأطلسي يهدد تقدمنا التكنولوجي وشراكاتنا الدفاعية في العالم». وأكد كيري أن «أميركا تحتاج إلى أوروبا قوية وأوروبا تحتاج إلى أميركا ملتزمة، ما يتطلب نهضة عبر الأطلسي»، علماً أن التعاون بين الأوروبيين والأميركيين مهم في تفكيك الأسلحة الكيماوية السورية، أو في إطلاق مفاوضات مع إيران لتجميد برنامجها النووي.