حين افتتح غلام حسين حاجي، مطعمه الشعبي في قلب العاصمة البحرينيةالمنامة في خمسينات القرن الميلادي الماضي، لم تكن مساحته تتجاوز الأمتار، إلا أنه اختار عدداً من الأصناف ليقدمها للزبائن في هذا المطعم الصغير، الذي تحول على مدار العقود الستة الماضية إلى مقصد لكثير من البحرينيين والخليجيين، وبخاصة السعوديون، وأصبح أحد المعالم السياحية في المنامة، من شخصيات رفيعة المستوى، ومثقفين ورجال أعمال وممثلين وأكاديميين، يمثلون مختلف شرائح وفئات المجتمع، والأسر التي تقوم بزيارة سوق المنامة. ويحمل المطعم اسم «المسيلة»، ولكنه معروف في البحرين باسم «حاجي»، وهو أول مطعم في السوق يقدم الوجبات المطهوّة، ففي السابق كانت المطاعم تقدم الوجبات الخفيفة مثل الشاي والقهوة وما يماثلها. ويشتهر مطعم حاجي بين البحرينيين بوجبات الإفطار، التي تقدم على النمط البحريني، والمصنوعة في البيت بالكامل. ويتم تصنيع كل شيء من الصفر، بما في ذلك «المربيات» والأجبان. هناك صنف مميز يومياً، ففي أيام الأربعاء يقدم المطعم «غوزي» الضأن. كما يقدم المطعم الطبق البحريني التقليدي «البلاليط» المصنوع من «النودلز» والبيض. وقال زهير حاجى (ابن صاحب المطعم): «أخذ المطعم سمعته بإدارة الوالد له شخصياً لأكثر من 50 عاماً، إذ استطاع تحويله من مقهى شعبي يقدم مأكولات تقليدية وشعبية، اعتاد عليها البحرينيون منذ القدم، لينتشر اسم المطعم إلى خارج حدود الوطن، وأصبح أحد المعالم السياحية التي تزخر بها العاصمة البحرينية، لاسيما أنه يقع في قلب المنامة على بعد خطوات من بوابة البحرين». ولفت حاجي إلى أن تطوير المطعم يأتي «استكمالاً لما بدأه الوالد منذ فترة بسيطة، والذي كان يستقبل في الماضي عدداً محدوداً من الزبائن، وبعد التحسينات التطويرية أصبح المطعم يستقبل يومياً ما يراوح بين 600 و 700 زبون، خلال الوجبات الثلاث»، لافتاً إلى قدرتهم على استيعاب «عدد كبير من الزبائن وتلبية الطلب المتزايد، لاسيما في أوقات الإجازات والمناسبات يرتفع عدد الزبائن، ليبلغ في معظم الأحيان ألف زبون، ويتم استقبالهم وتلبية طلباتهم من خلال الخدمة السريعة، والسعي لإرضاء كل زبون». ويستذكر زهير تاريخ المطعم، الذي يعتبر من «أوائل محطات تقديم الطعام في المنامة، كما أنه كان الأقرب لما كان يعرف ب«فرضة المنامة»، حيث الساحل»، لافتاً إلى أن البحارة والصيادين كانوا من أكثر الزبائن ارتياداً للمطعم. وقال: «نتميز بتقديم كل الأصناف المفضلة لدى الخليجيين، وحتى الطابع الحديث والمعاصر»، لافتاً إلى سبب رئيس في إقبال الناس على المأكولات الشعبية «نابع من رغبتهم للعودة إلى الزمن الذي نفتقده ببساطته حالياً. فاليوم تغلب المادة على مظاهر الحياة، ولعلنا نفتقد متع الحياة البسيطة التي كان يمتاز بها الماضي». وأضاف الحاجي: «من الملاحظ أن الكثير من المطاعم شيدت لتقديم المأكولات الشعبية ومزج ذلك بالطابع العصري سواء في أسلوب التقديم أم التصميم الداخلي للمطعم نفسه، إلا أن وصفة العودة إلى الماضي الجميل تتميز بالبساطة»، لافتاً إلى أن «ما يمتع الزبون هو وجود الغني والفقير ويجمعهم حبهم للمأكولات التقليدية. كما نشهد حضوراً لافتا للسياح، سواءً من دول الخليج أم من الأجانب الذين تجذبهم النفحات الشعبية في تاريخ البحرين». وأكد زهير خليل حاجى أن وزارة الثقافة في مملكة البحرين «تسعى دائماً إلى تشجيع وتطوير كل المطاعم الشعبية المميزة والمشهورة في البحرين، التي يفوق عددها 12 مطعماً، وكذلك المواقع الأثرية التي تكون مقصداً للزوار والسائحين في البحرين. كما تعمل الوزارة على تشجيع والاهتمام بالإرث الشعبي للبلاد، بصفته رافداًَ من روافد الثقافة الأصيلة التي تمتاز بها مملكة البحرين».