في كل منطقة عادات وتقاليد رمضانية مايزال البعض يحافظ عليها ويحرص على بقائها رغم مرور السنين. في محافظة الأحساء شرق المملكة مثلا مايزال أغلب الأهالي يحافظون على عدد من العادات التي ترتبط بهذا الشهر الكريم مثل القرقيعان فتجد عددا من الأطفال يجوبون الأحياء والطرقات ويطرقون الأبواب في منتصف الشهر الكريم مرددين (قرقع قرقع قرقيعان عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم ويوديكم لأهاليكم) وتشهد الليلة استعدادا خاصا من أهالي الأحساء ويصاحب ذلك مهرجانات في المدن والقرى حيث يتم تقليد شخصيات الآباء من قبل الشباب بلبسهم (الوزار) والاستعانة بالأدوات القديمة وعمل مجسمات ومتاحف مصغرة تعبر عن العادة القديمة التي لاتحلو إلا بالطريقة الأصيلة الشعبية. قرقع.. وامرح يتميز الأطفال بلباسهم الشعبي وهم يسيرون بشكل جماعات وفي جعبتهم الأكياس يطرقون الأبواب سعياً وراء حفنات من المكسرات والحلويات ذات الأشكال والألوان المختلفة وتخرج من حناجرهم عبارات وأناشيد القرقيعان ((قرقع قرقع قرقيعان)) ويشاطرهم الشباب في العادة بعمل مسيرات جماعية في الشوارع والأحياء السكنية وهم يرددون العبارات عن القرقيعان وبلبسهم (الوزار والفانيله) وهم في نشوة الفرح كما يتم تزيين البيوت والأحياء السكنية مع توزيع الحلويات والمكسرات والبخور وماء الورد وغيرها على المارة البلاليط والهريس وتشهد محافظة الأحساء في ليالي رمضان عادة تبادل الأطباق بين الأسر والجيران وهي من العادات الشعبية القديمة التي كانت مزدهرة في الماضي في الأحياء والبلدات ومايزال المجتمع الأحسائي محافظاً على تلك التقاليد المتوارثة منذ زمن لكنها أي العادة اندثرت في بعض المدن الكبيرة ورغم ذلك يحرص الأهالي والجيران على تبادل الأطباق الشعبية الشهيرة التي اشتهرت بها المحافظة مثل البلاليط الهريس والثريد والجريش وغيرها. وهذه العادات الشعبية تعزز روح التضامن الاجتماعي بين كافة أفراد المجتمع، وتقول أم عبدالله أنها تحرص على هذه العادة سنويا منذ أول أيام الشهر الفضيل طلبا للأجر والثواب وإذكاء صفة التراحم التي حث عليها ديننا الحنيف في ظل أجواء رمضانية. وتضيف أم فهد أنها لا تستطيع الاستغناء عن هذه العادات الشعبية التي يتوارثها المجتمع الاحسائي جيلا بعد جيل وأضافت أن عادة تبادل الأطباق والمأكولات الشعبية بين الأهل والجيران متداولة منذ القدم. حيث كانت النساء في الماضي يتبادلن الأطباق الشعبية كالبلاليط وخبز الرقاق والخبيص واللقيمات وغيرها من المأكولات من باب المشاركة المعنوية والاجتماعية. لا خوف صلاح الحمد يقول: إن تلك العادات الموروثة منذ الزمن الجميل تزيد الترابط بين الأهالي وتجلب الأجر والثواب. وإذا كان بعض السيدات يقمن بتقديم الوجبات الشعبية للجيران طلباً للأجر والثواب فإن هناك أشخاصا يقومون بإعداد الوجبات في الشوارع الرئيسية القريبة من الأسواق في سبيل طلب الرزق منها فتجد باعة البليلة والكبدة في أغلب شوارع المدينة الرئيسية. ويقول عبدالرحيم الجويسم وهو شاب في العقد الثالث إنه يمارس بيع البليلة والكبدة في شهر رمضان من سنوات ولا يجد حرجا في ذلك مبيناً بأنه يحصل من ذلك على دخل جيد يؤمن به احتياجات أسرته. مشيراً بأن بيع هذه الوجبات الشعبية يزدهر في شهر رمضان ما شجعه على الاستمرار طوال كل هذه السنوات وبالرغم من أن هذه الأطعمة تعد في أماكن مكشوفة ومزدحمة إلا أنها تجد إقبالا كبيرا من الزبائن فيما يقول معدوها إن الطهي يقتل البكتيريا. والمواطن عبدالعزيز الرشيد حضر لشراء وجبات شعبية من نفس البائع وقال إنه لاحظ الإقبال الكبير عليه فقرر الشراء وقال إنه لايخشى من عواقب الأطعمة المكشوفة لأنها تتعرض إلى طهي جيد وعلى أيدي طهاة مهرة. وإنه شاهد الناس يشترون من هذا البائع فقرر أن يفعل مثلهم وعند سؤاله ألا يخاف بأن يكون هذا الطعام ملوثا خصوصاً كونه يباع في أماكن مكشوفة ومزدحمة وجو حار فذكر أنه توكل على الله وقرر الشراء من هذا الطعام وتمنى أن لا يحصل له أو لأحد من المشترين أي مكروه.