بعد مرور سنة على إعلان الرئيس الأميركي من كيب تاون انطلاق مشروع «باور أفريكا»، بهدف مضاعفة طاقة إنتاج الكهرباء في أفقر قارات العالم وإنارة مناطق يغلّفها الظلام، تحقق فعلاً 25 في المئة من المشروع البالغة كلفته 7 بلايين دولار. إذ أشار تقرير سنوي عن المشروع إلى «إنتاج 10 آلاف ميغاوات كهرباء، وإنارة 20 مليون منزل وشركة». لكن الخطة الخمسية لم تأت بعد بالطاقة الموعودة، لأن مشروع «باور أفريكا» لا يقيس تقدمه بحساب الميغاوات التي أضافها إلى الشبكة فعلياً، بل بتعهدات لتوليد طاقة إضافية وردت في إطار صفقات. وأوضح المشروع في تقريره أنه «ساهم في التفاوض بشأنها»، وذلك وفق مصادر من داخل المشروع وبيانات اطلعت عليها وكالة «رويترز». وبعض المشاريع التي ساهم فيها «باور أفريكا»، وهو برنامج تديره الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، انطلق قبل سنوات من بدء المشروع ولا تزال أخرى في مرحلة التخطيط. ولم تتضح قيمة ما أُنفق فعلياً من الكلفة الإجمالية للمشروع، التي تعهد بها أوباما كما لم يُعرف إذا كان القطاع الخاص سيفي بتعهده تقديم استثمارات إضافية تبلغ 20 بليون دولار. وأبدى مصدر يعمل في «باور أفريكا»، انزعاجه من «إعلان تحقيق أهداف تتعلق بمشاريع ربما لا تنفذ أبداً، وأن ننسب إلى البرنامج الفضل في تنفيذ مشاريع قيد التحضير منذ سنوات»، معتبراً أن ذلك «مثابة تضليل». وبدا تعهد أوباما مضاعفة طاقة توليد الكهرباء في أفريقيا منذ البداية خلال خمس سنوات طموحاً جداً، لأن نصيب الفرد من طاقة توليد الكهرباء في أفريقيا جنوب الصحراء لم يتغير على مدار ثلاثة عقود، لعدم بناء معظم محطات الكهرباء التي التُزم بتشييدها. وأشار مصدر آخر يعمل في المشروع، إلى «أننا نتعامل مع ميغاوات على الورق وليس على الشبكة»، سائلاً: «هل هذا ما وعد به أوباما فعلاً؟». ووُجهت انتقادات كثيرة لأوباما وهو الرئيس الأميركي الأول من أصول أفريقية، والده كيني، لفتور صلاته بأفريقيا. وشملت الانتقادات اتهامه بأن «أقواله أكثر من أفعاله». وتنتج 48 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء حيث يقطن نحو 800 مليون شخص، كمية الكهرباء ذاتها التي تولدها إسبانيا ولا يزيد تعداد سكانها على 46 مليوناً. وينجم عن ذلك تضييق الخناق على النمو وانزلاق الملايين في براثن الفقر. ولفت منسق «باور أفريكا» اندرو هرسكوفيتز، إلى «شيء من الخلط حول دور البرنامج»، موضحاً أن «الهدف منه منذ البداية، الإسراع في إبرام الصفقات وتسهيل الاستثمارات الخاصة وليس تقديم معونات». وأكد أن «دور المشروع مساعدة القطاع الخاص على توفير الكهرباء»، وهو تفاوض بالفعل «على تعهدات من شركات بقيمة 20 بليون دولار»، لا يعلم حجم ما أُنفق بالفعل. وقال: «ربما نشارك بقوة في بعض المشاريع وربما تكون المشاركة محدودة في البعض الآخر». تأخر التنفيذ وتوقع الشركات الأجنبية عقوداً لمشاريع بنية تحتية ببلايين الدولارات مع الحكومات الأفريقية سنوياً، لكن عدداً كبيراً منها لا يُنفذ. وأبرمت شركة «ميلينيوم تشالينج» الأميركية وهي وكالة معونة حكومية تشارك في «باور أفريكا»، عقداً قيمته 350 مليون دولار خلال عام 2011، «لتنشيط قطاع الطاقة في مالاوي». وبعد أكثر من ثلاث سنوات، لم يُنفق سوى 1.7 في المئة من هذا المبلغ، وفق موقع البرنامج من دون ذكر أي تفاصيل عما تحقق من تقدم فعلياً. وتتضمن مذكرات التفاهم التي وقعها البرنامج هذه السنة مع ست دول تحظى بالجانب الأكبر من الاهتمام هي تنزانيا ونيجيريا وكينيا وأثيوبيا وليبيريا وغانا، تعهدات مالية تقل عن 100 مليون دولار تستهدف دولاً بذاتها ويذهب معظمها إلى المستشارين. ووقعت شركة «تيرا تيك» الأميركية للاستشارات عقداً قيمته 64 مليون دولار، ونالت مبادرة الحوكمة في أفريقيا لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير صفقة بقيمة ثلاثة ملايين دولار. وكما يحدث في مشاريع معونة كثيرة في أفريقيا، انتقدت جماعات حقوقية «باور أفريكا» لكونه وسيلة لتقديم دعم لشركات أميركية. وأظهرت وثائق تخصيص 5 بلايين دولار من التعهدات الإجمالية البالغة 7 بلايين دولار، كقروض لصادرات أميركية يقدمها «بنك الاستيراد والتصدير» الحكومي ومؤسسة الاستثمارات الخاصة الخارجية. لكن هرسكوفيتز أوضح أن ذلك «غير صحيح»، مشيراً إلى أن «باور أفريكا» فرصة لتوفير الكهرباء للملايين في أفريقيا من خلال جذب استثمارات من أنحاء العالم». ورفض ما قيل عن أن مشروع «باور أفريكا» يقتصر على استغلال مشاريع قائمة، مسلطاً الضوء على مشروع «نكست- جن» للطاقة الشمسية في تنزانيا وقدرته 5 ميغاوات، ومشروع آخر في كينيا بطاقة 30 ميغاوات، لافتاً إلى أن المشروعين «لم يكن لهما وجود قبل «باور أفريكا». لكن موقع «نكست- جن» الإلكتروني أفاد بأن المشروع «أبرم عقد مشتريات في كانون الثاني (يناير) 2013 ، أي قبل ستة أشهر من إطلاق مشروع «باور أفريكا». وأعلنت مصادر في الحكومة الأميركية لوكالة «رويترز»، أن «لا ضمانات باستمرار المشروع ومدته المبدئية خمس سنوات، أو أنه يظل يحظى بأولوية بعد انتهاء ولاية أوباما بعد عامين». ويكافح «بنك الاستيراد والتصدير» وشركة الاستثمارات الخاصة الخارجية في الكونغرس للبقاء بعد الضعف الذي اعترى الحزب الديموقراطي، إثر انتخابات التجديد النصفي هذا الشهر. وفي تغير للسياسة أشارت الحكومة الأميركية إلى رغبتها في أن «تشترك مع الصين في تحسين قطاع الكهرباء في أفريقيا».