أبرز ما أفضت إليه جهود إخراج الحكومة السياسية الجامعة في لبنان من عنق الزجاجة، هو تمديد فترة الانتظار للجهود التي يبذلها «حزب الله» مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لتليين موقفه المعترض على المداورة في الحقائب الوزارية الذي دفعه الى موقف متشدد أول من أمس اتهم فيه الرئيس المكلف تمام سلام بالعبث بالثوابت في عملية التأليف. وزار سلام مساء أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان من دون أن يحمل إليه أي مسودة لتشكيلة حكومية كان تردد أنه قد يلجأ الى عرضها عليه لإصدارها على قاعدة 8+8+8 يتمثل فيها كل الأطراف، بما فيها عون، مع توزيع عادل ومتوازن للحقائب، على أن يبقى فيها من يوافق عليها وينسحب من ينسحب ولكل حادث حديث. وعلمت «الحياة» أن سلام أجّل عرض التشكيلة الحكومية على سليمان تمهيداً للتوقيع عليها من قبلهما وإصدارها في انتظار أن يحصل على رد رسمي من «حزب الله» على نتائج وساطته مع عون. وفي وقت قالت مصادر معنية باتصالات التأليف أن لا جديد في المعطيات يسمح بالأمل بتعديل موقف عون، وأكدت أن تشدده أول من أمس كان متوقعاً وفق مفاوضات «حزب الله» معه، كشفت مصادر مواكبة لهذه المفاوضات أن الحزب فوجئ بالموقف الذي أعلنه عون بعد ترؤسه الاجتماع الأسبوعي ل «تكتل الإصلاح والتغيير»، وقالت إن المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومعه مسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، كانا التقيا الوزير جبران باسيل قبل اجتماع التكتل فأبلغهما بأنه يحتاج الى 24 ساعة إضافية لإبلاغهم موقف التكتل النهائي. وأضافت أن الحزب تبلغ موقف عون بواسطة وسائل الإعلام مع أنه لم تمض ساعات على لقاء خليل وباسيل، لكنه لم يقطع الأمل بإمكان حضّ حليفه على تعديل موقفه، على رغم أنه سجل امتعاضه من الطريقة التي تعامل بها معه. وسألت المصادر عن صحة ما يقال إن موقف عون ليس نهائياً وأنه أراد أن يرفع سقف مطالبه لتحسين شروطه للاشتراك في حكومة جامعة، وقالت إن عون أراد أن يوحي وكأنه أقفل الباب في وجه وساطة الحزب لعله ينجح في الضغط من خلال الحزب و «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط لتحقيق بعض شروطه. واعترفت بأن المشكلة الآن هي داخل قوى «8 آذار» وأن الكرة في مرماها وأن «حزب الله» كان تعهد فور التوافق على الإطار السياسي العام لتشكيل حكومة جامعة، بأن يأخذ على عاتقه إقناع عون ليكون طرفاً في التسوية، وأنه طلب أكثر من مرة تمديد المهل لإعطاء جواب نهائي لأنه لا يريد «أن يكسر الجرة»، لا سيما أن عون يراهن على أن الحزب لا يزال في حاجة إليه وأن الأخير لن يدخل معه في «اشتباك سياسي» مهما كلّف الأمر ولذلك يتشدد في مطالبه للاشتراك في الحكومة. واعتبرت أن موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجهة عدم تشجيعه قيام حكومة حيادية أو جامعة بمن حضر، هدفه تمديد المهلة لحليفه «حزب الله» لعله ينتزع من عون الموافقة قبل اللجوء الى الخيارات البديلة. من جهة ثانية، أكدت مصادر قيادية في تيار «المستقبل» أن لا صحة لكل ما أشيع عن أن زعيمه الرئيس سعد الحريري تراجع عن مبدأ تطبيق المداورة في الحقائب الوزارية، وقالت إنه لا يزال عند موقفه الذي أعلنه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة ولن يتزحزح عنه قيد أنملة. وأوضحت أن الكرة الآن في ملعب «8 آذار» الذي يحاول بعض أطرافه الهروب الى الأمام في محاولة للإيقاع بين الرئيس سلام وتيار «المستقبل» الذي يتصرف منذ اللحظة الأولى لتكليف سلام بأن مسألة تشكيل الحكومة من صلاحياته بالتشاور مع الرئيس سليمان.