اتهم زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بأنه «يعبث بالمعايير – الضوابط التي تؤمن صحة مسار التأليف»، وصعّد موقفه حيال كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان «وكل حكومة ومسؤول»، معتبراً أنه «معرض للإقالة والمقاومة إذا ما وجهت إليه التهمة بأن سياسته وأفعاله قد تظهر بوادر انقسامات طائفية»، مذكراً بما نص عليه الدستور بأن «لا شرعية لسلطة تناقض العيش المشترك» لجهة تهميش أي مكون من مكونات الوطن. ورأى عون في بيان مكتوب شديد اللهجة، إثر ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لتكتله النيابي، «أن ذروة المخالفات التي يهدد بها المسؤول الشعب اللبناني هي تأليف حكومة أمر واقع، لأنه يجهل أن الفشل في تأليف الحكومة بعد 10 أشهر من دون أي جهد لحل الأزمة ينهي التكليف ويوجب الاعتذار، وأي حكومة تؤلف خارج الأطر الدستورية والميثاقية بمعزل عن المضمر في تأليفها فاقدة للشرعية وعلى هذا الأساس نحدد موقف التكتل». واستبق عون بذلك تلويح سليمان وسلام بحسم عملية تأليف الحكومة خلال هذا الأسبوع، إما بإصدار مراسيم تشكيلة حكومة جامعة على قاعدة المبادئ التي سبق أن اتفق عليها مع الفرقاء السياسيين أو بالعودة الى خيار حكومة حيادية، بعدما رفض عون مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية في صيغة 8+8+8، وأصر على بقاء وزارتي الطاقة والاتصالات لتكتله النيابي، فضلاً عن إحدى الحقائب السيادية الأربع. وتقضي فكرة الإقدام على الحكومة الجامعة بتمثيل تكتل عون وكل الأطراف ووضعهم أمام مسؤولياتهم، فيبقى فيها من يوافق، وينسحب من ينسحب، أي تكون حكومة «بمن حضر». ويفترض أن يزور سلام الرئيس سليمان خلال 48 ساعة للبحث في الخيارات المطروحة. وفيما كان سلام ينتظر حتى مساء أمس، الحصول على جواب من «حزب الله» على نتائج الجهود التي وعد ببذلها مع عون لتليين موقفه، ، فإن مصادر رئاسية وأخرى مقربة من سلام أوضحت أنهما لن يكتفيا بالجواب عبر بيان عون أمس، وينتظران الجواب الرسمي من الحزب. ولاحظت مصادر معنية بالجهود التي بذلت من أجل التأليف أن تصعيد عون لم يقتصر على الحملة ضد سليمان وسلام، بل شمل ضمناً وتلميحاً حلفاءه في «حزب الله» وحليف الحليف بري، حين كرر انتقاد التمديد للمجلس النيابي ومنع المجلس الدستوري من الاجتماع للبتّ في دستورية هذا التمديد والتمديد لموظفين (يقصد قائد الجيش العماد جان قهوجي) «ولاؤهم للمسؤولين وليس للدولة». وهي خطوات كان حلفاؤه قد أيدوها قبل أكثر من 6 أشهر فيما عارضها هو. وحين سألت «الحياة» وزير الطاقة مسؤول العلاقات السياسية في «التيار الحر» جبران باسيل عما سيكون الموقف في حال أصدر سليمان وسلام مراسيم حكومة تمثل كل الأطراف مع توزيع عادل للحقائب، اعتبر أن هذا أمر افتراضي، والحكومات تقوم بتوافق ميثاقي بالتشاور مع الفرقاء لترسيخ الثقة وليس بتجاهل مكونات أساسية. وعما إذا كان «حزب الله» حمل جواباً من العماد عون الى الرئيس سلام، أجاب باسيل: «هل كل الأمور تحل بالواسطة؟ الحكومة السياسية لها أصول وتتم بالاتفاق مع القوى السياسية والمخارج يطرحها الرئيس المكلف وليس تحت عنوان إصدار المراسيم ولن تكونوا إلا مبسوطين. على الرئيس المكلف أن يناقش الأمور معنا». وتردد أن الوزير باسيل زار أمس رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لتنسيق الموقف معه. وإذ أحجمت أوساط سلام عن الرد على بيان عون أمس وأكدت انتظاره جواب «حزب الله»، اعتبرت أن موقف العماد عون ينسف اتفاقاً عمل له الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط ووافق عليه «حزب الله»، وهم معنيون بما بلغته الأمور من هذه الزاوية وهذا يرتب عليهم موقفاً من جهتهم. وفي هذا السياق، نقل زوار عن الرئيس بري قوله: «لا بد من الإقدام على خطوة، والوضع لم يعد يحتمل في هذه الظروف التي تمر فيها المنطقة. وعلى الجميع أن يتقوا الله من أجل الوطن». وأشارت مصادر مطلعة الى أن «حزب الله» كان اقترح مخارج على عون، منها أن يتخلى له الحزب مقابل قبوله بالمداورة في الحقائب عن إحدى الحقيبتين المخصصتين للشيعة ليسمي لها واحداً من الشخصيات الشيعية الموالية له (النائب عباس هاشم أو رمزي كنج) أو أن يحصل على إحدى الحقائب السيادية من حصة رئيس الجمهورية، فضلاً عن اقتراحات أخرى لم يحظ بعضها بموافقة عون والبعض الآخر رفضه سلام.