شهدت عطلة نهاية الأسبوع اتصالات مكثفة داخل كل من فريقي 14 آذار و8 آذار لمعالجة التعارضات التي نشأت في صفوف كل منهما ازاء صيغة الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة تمام سلام لعلّ هذه الاتصالات تسمح بإعلانها خلال هذا الأسبوع، رغم ان مرجعاً معنياً بالتأليف أبلغ «الحياة» أن ما يجري من مداولات لم يسمح حتى أمس بتحديد سقف زمني لعملية التأليف، وفق ما كان وعد رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل 10 أيام، ورغم الدفع الذي أعطاه زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري مساء الجمعة الماضي من لاهاي لعملية التأليف بإعلانه قبول فريقه الاشتراك مع «حزب الله» في الحكومة الجديدة فاصلاً بين مسار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبين التوافق على الحكومة. وإزاء الحملة التي تعرض لها الحريري من بعض الأوساط نتيجة ما اعتبرته تنازلات قدمها للفريق الآخر، ولا سيما ظهور بعض قادة المحاور في منطقة باب التبانة في طرابلس التي اشتعلت محاورها يوم أمس فأدت الى سقوط قتيلة وعدد من الجرحى، حرص الرئيس سليمان أمس على الثناء على «الموقف المتقدم والمسؤول للرئيس سعد الحريري حول استعداده المشاركة في حكومة ائتلافية مع «حزب الله». ونقل زوار الرئيس سليمان ل «الحياة» عنه قوله، إن الحريري «الذي تخطى جملة اعتبارات شخصية وسياسية وفي توقيت حساس له ولجمهوره ولحلفائه، في مناسبة انطلاق عمل المحكمة الدولية، وذلك من أجل تسهيل قيام حكومة جامعة، أثبت أن القيادة مسؤولية تتجاوز المحطات الظرفية الصعبة من أجل مشاركة سياسية تجسد الشراكة الوطنية الضرورية للاستقرار والتوازن». ونوه بموقف الحريري «الذي أكد في خطوته أن تلازم العدالة والاعتدال يحصنان الوطن في لحظة التحولات التاريخية». ودعا الى «ملاقاة الحريري في مبادرته وتقديم التنازلات بعيداً من منطق المنازلة، من أجل انجاز الاستحقاق الحكومي استباقاً وتحضيراً للاستحقاقات الأمنية والسياسية والدستورية المقبلة». كما علّق سليمان على القصف الذي تعرضت له قبل 3 أيام بلدة عرسال البقاعية، ما تسبب بسقوط 7 قتلى من البلدة بينهم 5 أطفال أشقاء، بالقول إن «حماية المناطق اللبنانية أولوية حيال أي اعتداء تتعرض له من أي جهة». وقال، في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر» الإلكتروني، «ان على المسؤولين العسكريين والأمنيين اتخاذ كل الوسائل الآيلة الى حماية القرى والبلدات اللبنانية المحاذية للحدود مع سورية». وفي اطار الاتصالات بين الحلفاء لحسم الموقف من الحكومة أكدت مصادر مطلعة ان «حزب الله» أوفد أول من أمس الى زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون معاون أمينه العام الحاج حسين الخليل ومنسق الارتباط وفيق صفا بعدما تبلغ من سلام موافقة الحريري على صيغة الحكومة 8+8+8. وقالت المصادر أن عون أبدى تحفظات على أن تشمل موافقة حلفائه في الحزب ورئيس البرلمان نبيه بري على مبدأ المداورة الكاملة في الحقائب الوزارية، مطالباً باستثناء حقيبة الطاقة من هذه المداورة، وإيكالها الى الوزير الحالي مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني جبران باسيل. وذكرت المصادر ل «الحياة» ان عون كان فضل مناقشة موقفه مع «حزب الله» وتجنب البحث في الموضوع الحكومي مع موفد الرئيس بري، وزير الصحة علي حسن خليل، أو عبر إيفاد باسيل للقاء الرئيس بري لاعتقاده بأن الأخير ذهب بعيداً في الموافقة على المداورة الكاملة من دون استثناء حقيبة الطاقة منها، وفي انتظار أن يستكمل «حزب الله» خصوصاً أنه كان أعطى موافقته بدوره على مبدأ المداورة الشاملة في الحقائب، مع عون، فإن مصادر معنية بتأليف الحكومة تتوقع أن يعطي الحزب جوابه لسلام خلال الساعات المقبلة لأنه طلب مهلة يومين منذ مساء الجمعة. وعلمت «الحياة» ان الحزب قد يتجه الى ابلاغ سلام موافقته على المضي في عملية تشكيل الحكومة حتى لو بقي عون على اعتراضه، في وقت أكدت مصادر موثوقة ل «الحياة» ان عون يعتقد أنه رغم اعتراضه على استبعاد باسيل عن وزارة الطاقة فإن موقفه هذا لن يحول دون تشكيل الحكومة. في المقابل، فإن معالجة التعارضات داخل قوى 14 آذار لم تحسم رغم النقاش المكثف الذي دار بين قياداته خلال اليومين الماضيين سواء في اجتماعات بعيدة من الأضواء أو في اتصالات هاتفية. وأكدت مصادر في 14 آذار أن التباين ما زال قائماً بين وجهة نظر تطلب ضمانات مسبقة قبل تشكيل الحكومة بأن بيانها الوزاري لن يتضمن ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، لأن «حزب الله» يستغلها لتشريع استخدام سلاحه في الداخل وفي سورية، وهو ما يطالب به حزب «القوات اللبنانية» وبعض المستقلين، وبين وجهة نظر أخرى ترى أن تدخل 14 آذار الى الحكومة متضامنة وتسعى لذلك عند صوغ البيان الوزاري، وهو الأمر الذي تميل اليه قيادة «المستقبل» لا سيما أن الرؤساء سليمان وبري وسلام والوسيط رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط يرون أنه لا يجوز الاتفاق على البيان الوزاري قبل أن تتشكل الحكومة وفق المسار الدستوري. وتترقب أوساط في قوى 14 آذار ما سيعلنه الحريري في مقابلة تلفزيونية الليلة على محطة «المستقبل»، مشيرة الى أن بعض رموز تياره والقياديين في قوى 14 آذار انتقلوا الى باريس للتشاور معه في هذا الأمر.