في خطابه الثاني أمام محفل دولي، بعد الجمعية العامة للأمم المتحدة، تابع الرئيس الإيراني حسن روحاني الابتعاد عن النموذج «الفظ» الذي قدمه سلفه محمود أحمدي نجاد، مقترباً من شخصية الرئيس السابق محمد خاتمي الذي سحر الغرب بكلام عن «حوار الحضارات». «حوار الحضارات» الذي رفع خاتمي لواءه، ترجمه روحاني في منتدى دافوس الاقتصادي تعهداً متكرراً بانتهاج طهران «سياسات اعتدال وتعقّل وأمل في الاقتصاد العالمي»، داعياً شركات ورجال أعمال إلى الاستثمار في بلاده. وأعلن روحاني أنه لا يرى عراقيل تحول دون إبرام إيران والدول الست المعنية بملفها النووي اتفاقاً نهائياً بعد تنفيذ الجانبين اتفاق جنيف. ودعا إلى إخراج «الإرهابيين» من سورية، وتنظيمها «انتخابات حرة» تنهي الحرب. روحاني الذي رافقه مساعده حسين فريدون ووزيرا الخارجية محمد جواد ظريف والنفط بيجن نامدار زنكنة، التقى على هامش منتدى دافوس، رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ورئيسَي الوزراء الهولندي مارك روت والياباني شينزو آبي. واجتمع مع رئيس المنتدى كلاوس شفاب، مشدداً على أن «مجالات الاستثمار في إيران متوافرة في كل القطاعات الاقتصادية». كما التقى رجال أعمال أميركيين وأوروبيين وعرب، معلناً سعيه إلى جذب استثمارات، خصوصاً في صناعة السيارات والنفط والغاز والبتروكيماويات والطرق والسكك الحديد والبنية التحتية والتعدين، كما قال مشارك في الاجتماع. لكن الرئيس الإيراني تجاهل سؤالاً من رجلَي أعمال أميركيَّين قالا إنهما يحملان جوازَي سفر إسرائيليَّين وسألا إذا أمكن لهما الاستثمار في إيران. وكان روحاني التقى رؤساء تنفيذيين في شركات نفط وغاز، بينها «إيني» و «بي بي» و «توتال» و «رويال داتش شل»، وأبلغهم أن إيران ستضع بحلول أيلول (سبتمبر) المقبل «نموذجاً استثمارياً» جديداً وجذاباً لعقود النفط، سعياً إلى تشجيعها على العودة إليها. وفي خطابه أمام المنتدى أمام حوالى 2500 من القادة السياسيين ورجال الأعمال البارزين في العالم، أعلن روحاني استعداد بلاده ل «تعاون بنّاء من اجل تعزيز أمن الطاقة في العالم، واستغلال مواردها الضخمة من النفط والغاز»، مضيفاً: «نحن مستعدون للبدء بعملية جدية لتشكيل منظمة جديرة بالثقة، من اجل هذه الشراكة على المدى البعيد». وتعهد أن تنتهج إيران «سياسات اعتدال وتعقّل وأمل في الاقتصاد العالمي»، معتبراً أن «الاقتصاد الإيراني قادر على أن يكون بين أفضل 10 في العالم في العقود الثلاثة المقبلة. ونحن عازمون على إعادة فتح العلاقات التجارية والصناعية والاقتصادية، مع كل دول الجوار». وأعرب عن أمله بتطبيع العلاقات الاقتصادية التاريخية العميقة مع أوروبا، لافتاً إلى أن العلاقات الإيرانية- الأميركية «دخلت مرحلة جديدة». وكرّر أن من أولويات حكومته «التعامل البنّاء مع العالم». وتطرّق روحاني إلى اتفاق جنيف الذي أبرمته إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مشيراً إلى أنه لا يرى «عقبة جدية تعرقل اتفاقاً» نهائياً بين الجانبين. وكرر أن «إيران لم ترغب أبداً في امتلاك قنبلة نووية»، مستدركاً: «شعبنا لن يتنازل عن حقوقه النووية». كما تطرّق إلى الحرب في سورية، قائلاً: «بعد خروج الإرهابيين من سورية، يجب تأمين الظروف لحوار بين الحكومة والمعارضين. وعلى الجميع تأمين الظروف المناسبة لتنظيم انتخابات حرة والقبول بصوت الشعب السوري أياً يكن». وأسِف لوجود «مجموعات إرهابية أتت إلى سورية من المنطقة وحتى من قارات أخرى»، معتبراً أنها «تمارس القتل والمجازر بمنتهى القسوة». وحض الجميع على «العمل لوقف الحرب وإراقة الدماء في سورية أولاً، وطرد الإرهابيين منها». وانتقد قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سحب دعوته إلى إيران للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» حول سورية، معتبراً أن المنظمة الدولية كانت «الخاسر النهائي» من القرار. وفي واشنطن، أعلن ناطق باسم صندوق النقد الدولي أن وفداً من الصندوق سيزور طهران غداً لإجراء أول مراجعة دورية للاقتصاد الإيراني منذ العام 2011.