شهد أداء الرئيس حسن روحاني القسم الدستوري أمام مجلس الشورى (البرلمان) أمس، حدثان يُعتبران سابقة في إيران. إذ حضره ممثلون عن 55 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، في خطوة بدت تأكيداً لرغبة طهران في إعادة صوغ علاقاتها مع محيطها الإقليمي والدولي. كما قدّم روحاني تشكيلته الحكومية لرئيس البرلمان علي لاريجاني، وضمّت 18 وزيراً من ساسة مخضرمين وكفاءات علمية ومهنية تتمتع بتجربة من خلال عملها خلال رئاستَي هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. وكان لافتاً غياب الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد عن المراسم، لسبب مجهول، كما لم تُوجَّه دعوة إلى الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي الذي أعلن حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات في حكومة نجاد، منعه من حضور المراسم، «بسبب دوره» في «فتنة 2009» التي تلت انتخابات الرئاسة. وشكّل خطاب روحاني أمام البرلمان، «خريطة طريق» لسياستيه الداخلية والخارجية، إذ كرر تعهده السعي إلى «إرساء الاعتدال وردم الهوتين الاجتماعية والاقتصادية» في إيران. كما أعلن نيته انتهاج سياسة «الشفافية» لبناء الثقة مع العالم، داعياً المجتمع الدولي إلى اعتماد «لغة الاحترام» مع طهران، لا العقوبات، وأكد معارضة بلاده «تغيير أنظمة سياسية أو حدود بالقوة أو بتدخلات أجنبية». وسارعت الولاياتالمتحدة إلى اعتبار أن «تنصيب الرئيس روحاني يشكّل فرصة لإيران من اجل التحرك سريعاً لطمأنة المخاوف الكبيرة لدى المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي». وجاء في بيان للبيت الأبيض: «إذا اختارت الحكومة الجديدة الالتزام في شكل جوهري وجدّي باحترام واجباتها الدولية وإيجاد تسوية سلمية (للملف النووي)، فستجد في الولاياتالمتحدة شريكاً ذا إرادة حسنة». وأضاف: «نأمل بأن تأخذ الحكومة الجديدة بإرادة الناخبين، باتخاذها خيارات ستحسّن حياة الإيرانيين». وأمام 10 رؤساء دول، بينهم اللبناني ميشال سليمان، ورئيسَي وزراء، بينهما السوري وائل الحلقي، ومسؤولين آخرين بينهم وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية مساعد بن محمد العيبان، أعلن روحاني بعد أدائه القسم الدستوري، «قبوله مسؤولية الدفاع عن المطالب المشروعة للشعب الإيراني»، مضيفاً: «رصيد هذه الحكومة هو الشعب الذي صوّت لمصلحة الاعتدال الذي هو بمعنى الموازنة بين المبادئ والواقع، والابتعاد عن الخيال والوهم، والتركيز على الفكر والتخطيط والشفافية. وستبذل حكومتنا جهوداً لإرساء الاعتدال والحد من التهديدات وزيادة الفرص، من اجل ردم الهوتين الاجتماعية والاقتصادية» ومكافحة الفساد. ووصف ايران بأنها «ساحة استقرار في منطقتنا المضطربة»، لافتاً إلى أنها «تبحث عن السلام والاستقرار، وتعارض تغيير أنظمة سياسية أو حدود بالقوة أو بتدخلات أجنبية. من حق الشعوب الدفاع (عن نفسها) أمام أي عدوان واحتلال». وشدد روحاني على أن «الشفافية مفتاح الثقة، لكنها لا يمكن أن تكون من جانب واحد ومن دون آلية عملية في العلاقات الثنائية والمتعددة الطرف»، وزاد: «التهدئة والشفافية ستحددان مسيرتنا، وإيران لم تكن أبداً داعية إلى حرب مع أي دولة». وأضاف: «لا يمكن فرض الاستسلام على الشعب الإيراني، من خلال عقوبات أو التهديد بحرب، بل أن التعامل الوحيد مع إيران يتمثل بحوار متبادل ومتكافئ وخفض مستوى العداء، والتعامل المتكافئ سيكون أساس سياستنا الخارجية». وخاطب الغربيين، قائلاً: «إذا أردتم رداً مناسباً، لا تستخدموا لغة العقوبات بل الاحترام». وقدّم روحاني للاريجاني حكومة من 18 وزيراً، تضمّ ساسة مخضرمين وكفاءات علمية ومهنية. ومن ابرز الوزراء المقترحين، محمد جواد ظريف للخارجية وعبد الرضا رحماني فضلي للداخلية ومحمود علوي للاستخبارات وبيجان نامدار زنكنه للنفط وعلي طيب نيا للاقتصاد وحميد رضا نعمت زادة للصناعة والتجارة وعلي جنتي للثقافة والإرشاد وحسين دهقان للدفاع ومحمود واعظي للاتصالات. وتُعتبر هذه الأسماء شخصيات سياسية ومهنية تحظى بتجربة مهمة، من خلال عملها خلال رئاستَي رفسنجاني وخاتمي، فيما خلت التشكيلة من أي وزير في حكومة نجاد. واختار روحاني وزير الصناعة السابق إسحاق جهانكيري، نائباً أول له، ورئيس غرفة التجارة والصناعة الدكتور محمد نهاونديان رئيساً لمكتبه، ما يظهر اهتمامه بالقطاع الخاص وأولوية الاقتصاد لدى الحكومة العتيدة التي أعلن لاريجاني أن تصويت البرلمان على الثقة بها سيتم بعد أسبوع. روحاني لدى دخوله إلى قاعة البرلمان، وبدا رفسنجاني إلى جانبه. (أ ب)