يرى مراقبون في إسرائيل أن المفاوضات التي يجريها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مع حزبي المتدينين المتزميتين «الحرديم»، كما مشاريع القوانين العنصرية المتتالية، وعلى رأسها قانون «القومية»، و»خطة السلام الإقليمية» الجديدة لحزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان التي تقوم على ترحيل فلسطينيي ال 1948 من خلال محفزات مالية، وقبلها تصعيد الأجواء في القدسالمحتلة، تؤشر بقوة إلى أن نتانياهو حسم أمره لجهة تبكير الانتخابات العامة للعام المقبل، وأنه لم يتبق سوى تحديد موعدها. ولفت معلقون في الشؤون الحزبية إلى أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً في ما يتعلق بموعد الانتخابات، وذلك بعد أن ينهي نتانياهو اتصالاته مع «الحرديم». وبحسب تقارير صحافية، فإن هذه الاتصالات تتناول «صفقة» تقضي بأنه في حال فرط عقد الائتلاف الحكومي الحالي، لا يتحالف حزبا «الحرديم» («شاس» و»يهدوت هتوراة») مع زعيم حزب «يش عتيد» وزير المال يئير لبيد ليترأس (الأخير) حكومة جديدة بديلة، في مقابل التزام نتانياهو إعادة «الحرديم» إلى حكومته الجديدة بعد الانتخابات العامة المقبلة، وإلغاء قوانين تم تشريعها في العامين الأخيرين وعارضاها، فضلاً عن إعادة الامتيازات المالية الكبيرة التي حصلت عليها المدارس الدينية. ويتفق معلقون أن نتانياهو لم يعد يحتمل وجود لبيد وحزبه، كما حزب «الحركة» بقيادة وزيرة القضاء تسيبي ليفني، في حكومته بداعي تمردهما ضده والتصويت ضد عدد من القوانين والاقتراحات التي قدمها في الكنيست. وكتب يوسي فيرطر في «هآرتس» أن نتانياهو أطلق حملته الانتخابية عملياً في خطابه في الكنيست الأربعاء الماضي عن قانون «القومية» ويهودية إسرائيل، مضيفاً أن هذا القانون سيكون «الورقة الأهم» التي يخوض بها الانتخابات، وسيتبعه قانون سحب الحقوق من عائلات منفذي عمليات إرهابية، «وقوانين أخرى ذات نكهة عنصرية إقصائية». وأشار إلى أن نتانياهو سيواصل تصعيد لهجته «حتى يصبح أكثر تطرفاً من زعيم حزب المستوطنين، البيت اليهودي، الأكثر تطرفاً نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان، وهكذا ينصّب نفسه زعيم المعسكر اليمين الأكثر تشدداً بلا منافس. ليبرمان يتحرك ولم ينتظر زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان حسم نتانياهو، على رغم عدم رغبته في تبكير الانتخابات، فأطلق أمس «خطة سلام» ستكون في صلب حملته الانتخابية. وكالمتوقع، وكما فعل عشية المعارك الانتخابية السابقة، فإن حملته ستكون أساساً ضد فلسطينيي ال 1948 لعلمه أنها تزيد من شعبيته لدى أنصار اليمين العلماني المتطرف، إذ لا يكتفي هذه المرة بفكرة تبادل أراضٍ وسكان مع السلطة الفلسطينية (نقل أراضي المثلث ومئات آلاف سكانه إلى الدولة الفلسطينية، وضم المستوطنات الكبرى مع نحو نصف مليون مستوطن إلى إسرائيل، و»هكذا يبقى سكان المثلث في أرضهم، لكن يصبحون مواطني الدولة الفلسطينية»)، إنما يقترح على الحكومة منح سائر فلسطينيي ال 48 في المناطق الأخرى مثل عكا ويافا «الذين يقررون أن هويتهم فلسطينية»، محفزات مالية ليغادروا أرضهم إلى أراضي الدولة الفلسطينية ويتنازلوا عن جنسيتهم الإسرائيلية، و»هكذا تُحَل مشكلة الازدواجية وانفصام الشخصية التي يعانون منها». ويغلّف ليبرمان خطته لحل الصراع العربي – الإسرائيلي بعنوان براق «'السباحة ضد التيار – رؤية إسرائيل بيتنا»، باستعداده لانسحاب إسرائيل من مناطق (محتلة) في الضفة الغربية، وأنه في نهاية المطاف «سيتعين علينا التوصل إلى تسوية مدروسة تضمن وحدة الشعب، وهي أهم من وحدة الأرض». ولا يخوض ليبرمان في تفاصيل حل المسائل الجوهرية للصراع، ويكتب كلاماً عمومياً إذ يقول إن «الدول العربية المعتدلة، إذ تدرك أن التهديد عليها كامن في التنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة والإخوان المسلمين وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، فإنه للمرة الأولى يمكن التوصل إلى اتفاق شامل تكون شروطه مقبولة على إسرائيل». ويضيف أن النزاع مع إسرائيل ليس نزاعاً على الأرض مع الفلسطينيين «إنما صراع ثلاثي الأبعاد: مع الدول العربية، ومع الفلسطينيين، ومع العرب في إسرائيل... وعليه فإن الاتفاق مع الفلسطينيين يجب أن يشمل اتفاقات السلام مع دول عربية وتبادل أراضٍ وسكان». وأبلغ ليبرمان صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه سيخوض في تفاصيل «خطته» مع عدد من نظرائه في أوروبا، وسيطرحها خلال اجتماع «منتدى تسبان» في واشنطن. إلى ذلك (أ ف ب)، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي السابق الذي كان ينتمي إلى حزب «ليكود» موشيه كحلون أمس عودته على رأس حزب جديد، من دون الكشف عن اسم الحزب أو مرشحيه المحتملين. وعقد كحلون الذي استقال من منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2012 قبل ثلاثة أشهر على آخر انتخابات عامة، اجتماعاً تأسيسياً حضره نحو 350 من مؤيديه في أحد الفنادق ليل الخميس - الجمعة. ونقلت عنه الإذاعة العامة: «ليس هناك شخص واحد هناك لا يريد إصلاح الوضع الديبلوماسي وعلاقاتنا مع العالم»، مضيفاً: «ليس هناك أحد هنا لا يريد إصلاحاً اجتماعياً».