خاضت القوات العراقية اشتباكات عنيفة مع مقاتلي تنظيم «القاعدة» في منطقة تقع بين الرمادي والفلوجة، فيما قتل 23 شخصاً بتفجير انتحاري نفسه وسط مجموعة من المتطوعين في الجيش أمام ثكنة عسكرية في بغداد. وقال مصدر أمني إن «قوة كبيرة هاجمت مساء أوكار القاعدة في منطقة البوبالي التي تحولت إلى معقل لمقاتلي القاعدة، وتدور منذ الصباح اشتباكات عنيفة بين الطرفين تشارك فيها دبابات الجيش». والبوبالي الواقعة بين الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) والرمادي (100 كلم غرب بغداد)، منطقة وعرة تحيط بها البساتين، وهي آخر منطقة انسحب منها مقاتلو «القاعدة» عام 2007 بعد فرض سيطرتهم عليها. وكان المالكي أكد في كلمته الأسبوعية أمس الأربعاء أن عودة تنظيم القاعدة إلى المناطق التي سبق وانسحب منها «حلم إبليس ولن يعودوا أبداً إلا وهم جثث هامدة»، بعد يوم من إعلان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) قرب عودته إلى هذه المناطق. وخسرت القوات الأمنية العراقية السبت الماضي مدينة الفلوجة بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في أيدي مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، لتتحول من جديد إلى معقل للمتمردين المتطرفين بعد الحربين الأميركيتين اللتين هدفتا إلى قمع التمرد فيها في 2004. وعززت القوات العراقية الثلثاء استعداداتها قرب الفلوجة، بعد يومين من قول مسؤول حكومي إن «الجيش يستعد لهجوم كبير في الفلوجة»، فيما دعا المالكي عشائر وسكان الفلوجة إلى طرد «الإرهابيين» لتجنيب المدينة عملية عسكرية مرتقبة. غير أن المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري استبعد اقتحام المدينة «الآن». وإضافة إلى الفلوجة، سيطر المسلحون الموالون لتنظيم «القاعدة» على أجزاء من الرمادي، مستغلين انشغال القوات الحكومية بقتال مسلحين من العشائر رافضين فض اعتصام سني في الأنبار. وبينما تدور الاشتباكات في البوبالي، تشهد الرمادي والفلوجة هدوءاً نسبياً اليوم، بعد يوم من معارك وعودة شرطة المرور إلى شوارع الفلوجة، على رغم استمرار سيطرة المسلحين عليها. وقتل في المعارك الدائرة قرب الفلوجة وفي الرمادي منذ أكثر من أسبوع أكثر من 250 شخصاً، على ما أفادت مصادر رسمية، فيما أعلنت جمعية الهلال الأحمر أن هذه المعارك تسببت في نزوح 13 ألف عائلة حتى الآن. وهذه أسوأ أعمال عنف تشهدها محافظة الأنبار التي تتشارك مع سورية بحدود تمتد لنحو 300 كلم منذ سنوات، والمرة الأولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الأميركي عام 2003. واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان القوات الحكومية العراقية والمسلحين الموالين لتنظيم «القاعدة» في التسبب بمقتل مدنيين باتباع طرق قتال «محظورة». وفي بغداد، قتل 23 متطوعاً في الجيش وأصيب 30 في تفجير انتحاري استهدف مركزاً للتطوع. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن في تصريح نشر على موقع الوزارة إن «الاعتداء حصل بواسطة انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً فجر نفسه في جموع المتطوعين قرب مطار المثنى وسط العاصمة بغداد». وغالباً ما يتعرض المتطوعون أمام المراكز العسكرية لهجمات خلال فترة انتظار الدخول إلى هذه المراكز، علماً أن مساحة مطار المثنى كبيرة جداً تتسع بسهولة لآلاف المتطوعين، إلا أن السلطات تبقيهم ينتظرون في الخارج. في هذا الوقت، اتصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بالمالكي للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع، على ما أعلن البيت الأبيض، مشيراً إلى أن المسؤول الأميركي حض المالكي على مواصلة بذل الجهود للحوار مع قادة البلاد وزعماء العشائر والزعماء المحللين. وأكد الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني أن واشنطن دعت المالكي إلى العمل من أجل المصالحة في موازاة مواصلة العملية العسكرية ضد تنظيم «القاعدة» في محافظة الأنبار. وأضاف أن «المالكي أطلع نائب الرئيس على عناصر جديدة تتعلق بالوضع في محافظة الأنبار من بينها سلسلة مبادرات سياسية على المستوى المحلي والوطني»، فيما أشاد بايدن بالتزام المالكي موعد الانتخابات في نهاية نيسان (أبريل) على رغم تصاعد أعمال العنف.