خسرت القوات الأمنية العراقية أمس السبت، مدينة الفلوجة التي تعرضت عام 2004 لهجومين أميركيين واسعي النطاق بهدف قمع التمرد فيها، بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في أيدي المسلحين، لتتحول من جديد إلى معقل للمتمردين المتطرفين. وتواصلت الاشتباكات في مدينة الرمادي المجاورة، حيث حققت القوات الأمنية مدعومة بمسلحين من العشائر، تقدمًا في المناطق التي سيطر عليها منذ الخميس مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الفرع العراقي والسوري لتنظيم القاعدة والمعروف اختصارًا بتنظيم «داعش». وقال مصدر أمني عراقي رفيع المستوى في محافظة الأنبار لوكالة فرانس برس، إن «مدينة الفلوجة خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة تنظيم داعش»، مضيفاً أن «المناطق المحيطة بالفلوجة (60 كلم غرب بغداد) في أيدي الشرطة المحلية». وتابع «لقد عينوا والياً عليها». من جهته، أكد مراسل فرانس برس في المدينة، أن «القوات التي تسيطر على مدينة الفلوجة بشكل كامل هي من تنظيم القاعدة»، مشيرًا إلى أن «قوات الأمن العراقية وقوات الصحوة لا تتواجد في الفلوجة». وذكر أن «اشتباكات متقطعة تدور عند أطرافها» بعد يوم دام شهدت خلاله الفلوجة والرمادي اشتباكات بين عناصر «داعش» والشرطة مدعومة بمسلحي العشائر، تخللها قصف مناطق من قبل قوات الجيش المتواجدة خارج المدينتين، ما أدى إلى مقتل 32 مدنيًا و71 من مقاتلي «الدولة الإسلامية». وأشار مراسل فرانس برس في الفلوجة التي أعلن مسلحون أمس من على منبر خطبة الجمعة فيها أنها تحولت إلى «ولاية اسلامية»، إلى أن «الكهرباء مقطوعة تمامًا، ومولدات الكهرباء لا تعمل بسبب النقص في الوقود». وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مركز مدينة الفلوجة حدثاً استثنائياً نظرًا إلى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت حربين شرستين مع القوات الأميركية في العام 2004. بدوره، صرح رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس السبت، بأن تنظيم (داعش) كان يخطط لإعلان انفصال محافظة الأنبار وإعلانها دولة لهم. وقال المالكي في احتفالية بمناسبة الذكرى الثانية ليوم العراق، ذكرى انسحاب القوات الأمريكية من العراق «كيف نستطيع بناء العراق وهناك مواقف سياسية يطرحها البعض ويخادع بها الناس قالوا مطالب وقد عملت الحكومة كل جهدها لتلبية المطالب». وأضاف «في الحقيقة القضية ليست قضية مطالب إنما قضية يسعون فيها إلى شيء وهو دولة العراق والشام، لقد صبرنا ولكن صبرنا أدى إلى تمدد هؤلاء القتلة». إلى ذلك، أكد قائد القوات البرية في الجيش العراقي الفريق الركن علي غيدان في تصريح لفرانس برس، أن «اشتباكات عنيفة تجري في عدة مناطق» في الرمادي، مضيفاً أن «قوات الشرطة وأبناء العشائر يتولون عملية التطهير فيما تقوم قطاعات الجيش بالإسناد». وذكر غيدان أن «هناك 3 مجاميع تقاتل، الأولى هي عناصر داعش، والثانية هي أبناء الصحوات والعشائر التي تقف إلى جانب الشرطة والجيش، والثالثة هو ما يعرف بالمجلس العسكري الذي أعلن عنه الخميس في الفلوجة». وكانت مجموعات مسلحة بينها «الجيش الاسلامي» و»كتائب ثورة العشرين» و»مجلس شورى المجاهدين» وجماعات أخرى اعلنت الجمعة تشكيل هذا المجلس بهدف التنسيق في مقاتلة القوات الأمنية، من دون أن يتضح ما إذا كان هذا المجلس موالياً لتنظيم «داعش»، بحسب مراسل فرانس برس. وفي وقت لاحق، قال غيدان لفرانس برس «قتل عشرات المسلحين مساء السبت في عمليتين، الأولى استهدفت مجاميع من داعش، في البوفراج» قرب الرمادي أدت إلى مقتل 25 مقاتلاً، قبل أن «يستهدف تجمع كبير لعناصر داعش قرب الكرمة» شرق الفلوجة ما أدى الى مقتل 30 مسلحا. واستغل «داعش» الخميس إخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وإنشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة يوم الاثنين، لدخول الرمادي والفلوجة.