لم تقتصر ترددات فضيحة الفساد في تركيا على الساحة السياسية المنقسمة على نفسها، بل أصابت النظام القضائي بالشلل، إثر تحوله أداة سياسية في أيدي أحزاب متنافسة. ولم تنفذ قوى الأمن أوامر المدعين العامين، بالتفتيش والتحري. فأجهزة الأمن غضت النظر عن أوامر الاعتقال في الجولة الثانية من مذكرات التفتيش. وسلضت الأضواء على أخبار شاحنة محملة بالسلاح على الحدود بين سورية وتركيا. وتضاربت المعلومات حولها. وفي وقت أول قيل إنها تعود إلى منظمة إغاثة تركية أدت دوراً بارزاً في أزمة قافلة «مافي مرمرة» التي انتهت إلى تقويض علاقات تركيا بإسرائيل. ولم تثمر مساعي المدعي العام إلى وقف الشاحنة وتفتيش حمولتها. فوزير الداخلية الجديد زعم أن الحمولة سر من «أسرار الدولة»، وأنها تحمل مساعدات إنسانية إلى تركمان سورية. ومساعدات الإغاثة السرية التركية المتجهة إلى سورية التي تلتهمها نيران الحرب تبعث على الريبة، في وقت توجه سهام الاتهام إلى تركيا بمد المعارضة السورية بالسلاح. ورفضت أنقرة هذه الاتهامات، ولكنها أقرت بأنها أرسلت أسلحة رياضية «لدواعٍ غير حربية» إلى سورية. ولن يتبدد الغموض الذي يلف حمولة الشاحنة. وقد يبدو أن لا صلة بين قضية الشاحنة هذه وبين نزاع «حزب العدالة والتنمية» مع حركة غولن الإسلامية. وفضيحة الفساد الأخيرة وثيقة الارتباط بسعي حكومة «حزب العدالة والتنمية» إلى حل القضية الكردية بمساعدة لاعبين إقليميين، على غرار الزعيم العراقي الكردي، مسعود بارزاني. فحكومة أردوغان رمت إلى استمالة الأكراد في تركيا والمنطقة، وعززت العلاقات التجارية والنفطية مع كردستان العراق. ولكن حركة غولن لا تنظر بعين الرضى إلى اعتبار زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين عبدالله أوجلان، الطرف الأبرز في مفاوضات السلام. وحادثة الشاحنة تشير إلى أن فضيحة الفساد في تركيا متشعبة وتمتد خارج حدودها إلى ايران في صفقات الذهب مقابل الذهب التجارية، وتفاقم مشكلات الحكومة. * معلق، عن «حرييت» التركية، 4/1/2014، إعداد منال نحاس