أكدت تقارير ان الاقتصاد الأردني تمكن من امتصاص التداعيات السلبية الناتجة من الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية، لا سيما الدائرة حالياً في كل من العراق وسورية باعتبارهما بلدين جارين، بعدما تضرر من اللاجئين الفقراء واستفاد من الاستثمارات التي تدفقت الى مختلف قطاعاته. ووفق معلومات البنك المركزي فإن الاقتصاد الأردني الذي يبلغ 36 بليون دولار، ماضٍ في مساره نحو تحقيق المستوى المستهدف للنمو بين 3.3 و 3.4 في المئة لعام 2014، وهو قريب من المعدل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي اي 3.5 في المئة، على ان يرتفع الى 4 في المئة عام 2015، وقد لقي الأردن إشادة من الصندوق على «حسن أدائه في ظل الظروف القائمة». وكنتيجة طبيعية لتدفق الاستثمارات مع المساعدات العربية والدولية، زادت احتياطات النقد الأجنبي للمملكة بنسبة 18 في المئة منذ مطلع السنة الى مستوى قياسي بلغ 14.4 بليون دولار، تكفي لتغطية حاجات البلد للاستيراد سبعة أشهر ونصف شهر، ما ينعكس ايجاباً على ثقة المستثمرين المحليين والعرب والأجانب في سياسات الاقتصاد الكلي للبلاد. وعلى رغم استفادته من التراجع الكبير لأسعار النفط وتحقيق وفر في فاتورة وارداته السنوية والبالغة نحو 5.6 بليون دولار، ما يساعد في تخفيف الضغوط على المالية العامة، لا يزال الأردن يواجه التحدي الرئيس الذي يتمثل في الانضباط المالي للمساعدة على تخفيض عجز الموازنة من 3.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي المتوقع لعام 2014 الى 2.5 في المئة عام 2015. مع العلم ان العجز هذه السنة سيرتفع ثلاث نقاط مئوية الى 6.5 في المئة، اذا اضيفت خسائر شركة الكهرباء الحكومية والبالغة أكثر من 1.4 بليون دولار. تضرر الأردن عموماً من لجوء الفقراء السوريين الى أراضيه، ووضعت الحكومة خطة لاستضافتهم بكلفة 4.3 بليون دولار لمدة ثلاث سنوات، وبواقع 1.23 بليون لعام 2014، ونحو 1.58 بليون لعام 2015، و1.48 بليون دولار في2016، وطالبت الدول العربية والمجتمع الدولي بتمويلها لأسباب انسانية، لكن الأردن يشكو من التباطؤ الكبير في الاستجابة للتمويل. واذا كانت المنطقة العربية تشهد ظروفاً صعبة واضطرابات أمنية وسياسية ادت الى هروب كثير من الاستثمارات الى خارجها، فإن الأردن استطاع ان يوفر لجزء من هذه الاستثمارات «بيئة آمنة ومستقرة»، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة (تشمل استثمارات عربية) 1.1 بليون دولار عام 2013، لتبلغ 18.7 بليون دولار. وفي رأي رئيس الوزراء عبد الله النسور «ان الاردن تخطى هذه المرحلة من خلال قيامه بإجراءات اصلاحية سياسية واقتصادية سريعة وفاعلة، أعادت الثقة به كوجهة آمنة ومستقرة للاستثمارات»، وهذا التطور يتماشى مع خطة الحكومة بزيادة نسبة نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 10 في المئة سنوياً لغاية عام 2016. وفي مقابل الأثر السلبي لمشكلة اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني، يبرز الأثر الإيجابي الذي تعكسه استثمارات الأغنياء منهم في مختلف القطاعات الاقتصادية، ويقدر عدد الشركات السورية العاملة في الأردن منذ عام 2011 بأكثر من 500 شركة تتجاوز رؤوس اموالها 250 مليون دولار. ولتشجيع المستثمرين السوريين على زيادة استثماراتهم، أقرت الحكومة حزمة اجراءات باعتماد البطاقة التعريفية الصادرة عن مؤسسة تشجيع الاستثمار للمستثمرين السوريين المتواجدين في الأراضي الأردنية. وقد سمح بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء باستقدام العمالة السورية الماهرة (الحرفيون والفنيون) بنسبة بين 30 و60 في المئة للمناطق النائية والمصانع في المدن الصناعية والأطراف خارج مراكز المحافظات، ووفقاً للحاجات التنموية للمحافظات التي تحددها وزارة الصناعة والتجارة والتموين وشركة المناطق الحرة ضمن ضوابط محددة. كما تضمنت التوصيات تمديد بقاء المركبات السورية بصفة الإدخال الموقت والعائدة للمستثمرين السوريين وللشركاء في الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة والتموين وشركة المناطق الحرة. لا شك في ان ضآلة استثمارات السوريين لا تكفي للتعويض عن كلفة اللاجئين الفقراء الذين يقدر عددهم بنحو 1.4 مليون، ولكنها تخفف منها. وذلك عكس اللاجئين العراقيين ومعظمهم من الأغنياء وقد بدأت هجرتهم الى الأردن منذ أكثر من عشر سنوات (بعد حرب عام 2003)، وتزيد استثماراتهم على 12 بليون دولار، تتركز في الصناعة وتجارة الترانزيت، اضافة الى قطاعات الطب والتعليم والاسكان، ويبلغ عدد المستثمرين العراقيين في بورصة عمان اكثر من ثلاثة آلاف يملكون 96 مليون ورقة مالية، وتقدر استثماراتهم في البورصة بنحو 300 مليون دينار (414 مليون دولار). ولوحظ في شكل خاص توجه المستثمرين العراقيين والسوريين نحو الاستثمار في القطاع العقاري الذي سجل خلال الشهور العشرة الأولى من السنة تداولات بلغت 9 بلايين دولار، بزيادة 21 في المئة على الفترة ذاتها من عام 2013، وتحقق ذلك من خلال تنفيذ عمليات بيع بلغت 87.7 الف شقة وقطعة ارض، واحتل العراقيون المرتبة الأولى بمجموع 1829 عقاراً، وجاء السوريون في المرتبة الرابعة ب 377 عقاراً، بعد السعوديين ب 647 عقاراً والكويتيين ب 399 عقاراً.