واجهت صناعة الغناء في عام 2013 تحديات عدة أثرت سلباً في آلاف العاملين في هذا المجال، بعدما باتت شركات الإنتاج تعاني خسائر مادية، فألبوماتها التي تنفق عليها مئات آلاف الدولارات، تطرح بعد دقائق معدودة على شبكة الإنترنت. وغابت الألبومات القوية عن المستمعين، باستثناء ألبوم «الليلة» لعمرو دياب الذي يعتمد على تاريخه الكبير وجمهوره العريض في مصر والعالم العربي، كما تراجع عدد الحفلات الغنائية بشكل ملحوظ حتى أن عددها في مختلف مناطق مصر خلال عام 2013 لم يتجاوز 45 حفلة في حين أن المعدل الطبيعي للحفلات الغنائية في العام الواحد يصل إلى 170. يرى الشاعر أيمن بهجت قمر، أن صناعة الغناء ستنهض خلال السنة المقبلة في حال هدأت الأوضاع السياسية، كما سيزداد إقبال نجوم الغناء على التمثيل والمشاركة في برامج اكتشاف المواهب لأنها بديل مناسب. ويشدد قمر أيضاً على أن ظاهرة القرصنة لا تؤثر سلباً في شركات الإنتاج والمطربين فقط، ولكن تأثيرها يصل أيضا إلى الشعراء والملحنين والموزعين وكل العاملين في الحقل الموسيقي، متوقعاً تنامي هذه الظاهرة خلال عام 2014 لأنه لا توجد حلول واقعية والمواهب الشابة الجديدة لا تجد فرصاً حقيقية للظهور، لأن شركات الإنتاج ترفض تبني موهبتها وأصبح ظهورها مقصوراً على بعض برامج المسابقات الهادفة لاكتشاف مواهب جديدة. ويوضح المنتج محسن جابر أن حجم القرصنة عبر مواقع الإنترنت «مصيبة»، فأحد مواقع تحميل الموسيقى يتردد عليه أكثر من ثلاثة ملايين زائر يومياً، ما جعله يعدل من سياسته الإنتاجية، ليتخذ أشكالاً جديدة في تعاونه مع المطربين، مثل خفض الأجور بالنسبة إلى البعض أو التركيز على توزيع ألبومات تنتج على نفقة أصحابها الذين ضحوا بالمال من أجل الوجود على الساحة الغنائية. وترى المطربة شيرين عبد الوهاب أن الدولة لا بد أن تشدد الرقابة على المواقع الإلكترونية التي يتم تحميل الألبومات من خلالها، خصوصاً أن كثيراً من المطربين والمطربات لم يعودوا قادرين على تقديم ألبومات غنائية، ما أدى إلى إصدارهم أغاني منفردة لضمان استمرارهم على الساحة الغنائية، حتى لا ينساهم الجمهور، كما أن المواهب الجديدة تحتاج دعماً ولذلك فإن رواج برامج اكتشاف المواهب خلال عام 2013 ساهم في ظهور عدد من المطربين الصاعدين مثل أحمد جمال. ويعبِّر المطرب رامي صبري، عن سعادته بألبومه الجديد «وأنا معاه» ولكنه انزعج من قرصنة الألبوم على شبكة الإنترنت، مؤكداً أن تراجع عدد الشركات المتخصصة في الإنتاج الغنائي خلال عام 2013 كان نتاج التطور التكنولوجي الذي جعل الألبومات تنتشر خلال ثوان على شبكة الإنترنت، وبالتالي تتراجع مبيعاتها ولو استمرت الحال على ما هي عليه ستظهر سلبيات عدة على الساحة الغنائية. وتشير الفنانة ميس حمدان إلى أن إقبال المطربين الكبار على البرامج المهتمة باكتشاف المواهب، يعد أمراً إيجابياً وفي مصلحة الساحة الغنائية التي تحتاج لأصوات جديدة ومتميزة، ومثل هذه البرامج يعد فرصة جيدة لاكتشاف مواهب حقيقية من مختلف أنحاء الوطن العربي، وبالتأكيد مع وجود كم كبير من نجوم الطرب كمحكمين ومدربين وكضيوف فيها يعد حافزاً تشجيعياً كبيراً للمواهب الصاعدة. المطربة المغربية جنات التي صدر ألبومها «حب جامد» مع شركة «روتانا»، ترى أن ظاهرة القرصنة كانت السبب الرئيس في تراجع صناعة إنتاج الكاسيت خلال 2013، وشركات الإنتاج تكبدت خسائر لا حصر لها من وراء هذه الظاهرة، و «لا بد من التصدي لها بشتى الطرق القانونية وللإعلام دور مهم في توعية الجمهور». أما بالنسبة إلى صناعة الفيديو كليب فهي الأخرى استمرت في التراجع خلال عام 2013 لعدم قدرة الفضائيات الغنائية على إنتاج كليبات جديدة، فالأغنية المصورة الواحدة تصل موازنتها إلى أكثر من 150 ألف جنيه، ولم تعد عائدات ال sms تمنح الفضائيات الأموال اللازمة لتعويض نفقاتها، كما أن الكليبات تجري أيضاً قرصنتها بشكل كبير ووصل حجم قرصنة الكليبات عبر مواقع الإنترنت في العام الماضي إلى درجة كبيرة. الفنانة زيزي عادل التي تخرجت من برنامج «ستار أكاديمي»، تؤكد أن هناك عوامل خارجية تؤثر في مشوار الفنانين الشباب الذين حققوا شهرتهم من خلال برامج اكتشاف المواهب، فشركات الإنتاج ترفض الاهتمام بهم وتفضل الإنتاج لكبار النجوم، والبعض لا يثق كثيراً في الشباب الذي يحقق النجومية السريعة من خلال برامج اكتشاف المواهب ويرون أنهم لا يمتلكون إمكانات صوتية، وهذا الأمر غير صحيح، لأن نجوم برامج اكتشاف المواهب يستحقون فرصاً حقيقية لإبراز قدرتهم الحقيقية والجمهور يتواصل مع أعمالهم. ويرى الموسيقي محمد ضياء، أن تدهور الأوضاع في مصر خلال الفترة الماضية يؤثر في كل مجالات الحياة ومنها الغناء الذي يعيش حالة صعبة في ظل تراجع إنتاج الكاسيت وقلة الحفلات الغنائية، خصوصاً أن الظروف الأمنية تؤثر دائماً فيها بمعنى أن شعور الناس بالأمان يجعلهم مقبلين على دور العرض السينمائي وحفلات الأوبرا وغيرها.