عندما يتلقى المرء نبأ الإقالة من وظيفته، فإنه عادة يكون خبراً مزعجاً يتطلب إجراءات عدة للتأقلم مع الوضع الجديد، وقد يسبب أزمات مادية تكون عواقبها وخيمة ومرهقة، لكن هذا الأمر لا ينطبق على مدربي كرة القدم، وخصوصاً في الدوري الإنكليزي. فعندما أعلن نادي توتنهام اللندني إقالة مدربه أندري فيلاش بواش، فإن كثيرين تعاطفوا مع المدرب البرتغالي، على رغم أن هذه الإقالة ستكسبه ما لا يقل عن أربعة ملايين جنيه إسترليني تعويضاً له على رحيله، وهو مبلغ يضاف إلى مبلغ 12 مليون جنيه حصل عليها بواش قبل أقل من عامين عندما أقاله مالك تشلسي الثري الروسي رومان أبراموفيتش. في هذه الحال، فإن مدربي كرة القدم في إنكلترا مستثنون من الإقالات الكارثية التي تصيب معظم الموظفين في شتى الحقول، حتى إن نادي تشلسي اشتهر ب«كرمه» في إرضاء مدربيه المقالين بمبالغ خيالية ضمن اتفاق بات يعرف ب«المصافحة الذهبية» التي تنهي العلاقة بين النادي والمدرب. المدرب الإيطالي روبرتو دي ماتيو الذي قاد «البلوز» إلى إحراز أكبر لقب في تاريخه، وهو دوري أبطال أوروبا، مازال إلى اليوم يتقاضى 130 ألف جنيه أسبوعياً، منذ إقالته قبل عام بالضبط، وسيستمر في حصوله على هذا المبلغ حتى صيف العام 2014. وتشلسي أيضاً «أكرم» مدربه الحالي جوزيه مورينيو، عندما أقاله في 2007، فمع بقاء نحو ثلاثة أعوام على عقده، قرر أبراموفيتش التخلص من «السبيشال وان» بتعويض بلغ ستة ملايين جنيه، حتى إنه في العام التالي أهداه «سيارة فيراري» قدر ثمنها بمليوني جنيه، لإبقاء خط عودة بينهما في المستقبل. ومن بعد مورينيو، وجد المدرب البرازيلي لويس فيليبي سكولاري نفسه مقالاً من تدريب تشلسي بعد ثمانية أشهر على تعيينه، لكن هذه المرة اضطر أبراموفيتش إلى تعويضه وتعويض جهازه الفني الكامل بدفعه 12.6 مليون جنيه في «مصافحة ذهبية»، على رغم أن سكولاري لم يدرب تشلسي سوى في 36 مباراة فقط. وبحسب الأرقام فإن تشلسي دفع تعويضات لمدربين مقالين وأجهزتهم الفنية منذ تملك أبراموفيتش للنادي في 2003، أكثر من 50 مليون جنيه إسترليني، ومن بينها أيضاً تعويضات لأندية تخلت عن مدربيها لتشلسي قبل أن يقيلهم أبراموفيتش. لكن بعيداً من تشلسي، فإن الأمر لم يتحسن كثيراً، فعندما عين ليفربول أسطورته السابق كيني دالغليش في 2011، فإن «كينغ كيني» عاد إلى عالم التدريب بعد غياب 11 عاماً، لكنه لم يصمد كثيراً، فأقيل بعد موسم واحد ليحل مكانه بريندان روجرز، لكن دالغليش رحل وفي جيبه 8.25 مليون جنيه. وقبله حصل روي هودجسون بعد إقالته من ليفربول على 7.3 مليون جنيه، على رغم أنه لم يدرب الفريق سوى ستة أشهر فقط. وحصل الإيطالي روبرتو مانشيني على سبعة ملايين جنيه تعويضاً له على إقالته من مانشستر سيتي، الذي قاده إلى إحراز لقب بطولة الدوري في 2011، وهو الأول له منذ عقود طويلة، وحصل بعدها على عقد تمديد خمسة أعوام، وبعدها بعام أقيل من منصبه. السؤال المهم في هذا السياق، هل يستطيع كل ناد تحمل نفقات إقالة المدربين؟ بالتأكيد لا... إذن الأمر محصور في الأندية الثرية أو التي يملكها أثرياء ويبحثون عن نجاحات وانتصارات فورية «مهما كلف الثمن». أرسنال يظل النادي الأكثر استقراراً، فهو كان بإمكانه إقالة مدربه الفرنسي آرسين فينغر الذي فشل في إحراز أي لقب في الأعوام الثمانية الأخيرة، ومنذ تعيينه في 1996، فإن ما لا يقل عن 800 مدرب أقيلوا من مناصبهم في كل الدرجات الأربع المحترفة في إنكلترا، وكلفوا خزائن الأندية ما لا يقل عن 450 مليون جنيه تعويضات أو ما يفضل البعض تسميته ب«المصافحة الذهبية».