يتعمّد النحات الإسباني اوجينيو ميرينو تحدي بقايا أنصار الديكتاتور فرانكو من خلال اعماله، متعرضاً بذلك الى موضوع ما زال يعد حساساً في اسبانيا على رغم مرور عقود على انقضاء تلك المرحلة المظلمة من تاريخ البلاد. والفنان البالغ من العمر 36 سنة هو من جيل الفنانين الشباب الذين ولدوا بعد وفاة فرانكو، وهم يتناولون في اعمالهم مرحلة حكم هذا الديكتاتور الذي توفي عام 1975. ويقول: «يبدو لي ان الذين عانوا قمع نظام فرانكو لم تنصفهم العدالة... هذه الأعمال هي نوع من التعبير عن ذلك الظلم». ويعرض اوجينيو عمله «بانشينغ فرانكو»، وقوامه رأس من السيليكون يحاكي رأس فرانكو تماماً، مثبت في مكان كيس ملاكمة، وعليه نظارة احدى عدساتها غير موجودة. ويوضح: «ليس امامك في اسبانيا الا ان تعبر عن نفسك بهذه الطريقة، اذ لا شيء آخر يحصل هنا». غير ان مؤسسة فرنشيسكو فرانكو المعنية بإحياء تراث الديكتاتور، أقامت دعوى على الفنان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على خلفية أعماله هذه. ويقول خايمي ألونزو نائب مدير المؤسسة: «إضافة الى ما يشكله هذا العمل من تهجم وإهانة، إنه سيء من ناحية الذوق». وسبق لهذه المؤسسة أن اعترضت أيضاً على عمل آخر اطلق عليه اسم «اولوايز فرانكو»، وهو منحوتة للفنان نفسه تظهر فرانكو في ثلاجة، باللباس العسكري ونظارتين شمسيتين، عرضت في معرض الفن المعاصر «اركو» في شباط (فبراير) 2012. لكن القضاء الإسباني ردّ الدعوى معتبراً أن المنحوتة لا «تتعرض لذكرى شخصية تاريخية بالسوء بمقدار ما هي تنتقد وتدعو الى التفكير». ويقول اوجينيو إن عمله الثاني الجديد «بانشيغ فرانكو» هو رد على الدعوى القضائية الأولى. وعرضت هذه المنحوتة أثناء نشاط اطلق عليه اسم «أيام ضد فرانكو» قام به جمع من الفنانين المعادين للفاشية الذين يعبّرون عن «الأسف» لأن اسبانيا «ما زالت غير قادرة على تقويم مرحلة الاستبداد العسكري الذي حكم البلاد اربعين سنة». ويقول خورخي لاغونا محامي اوجينيو عن الدعوى الجديدة، إن مؤسسة فرانكو «تحاول من جديد ان تمارس ضغوطاً على الحقوق التي يضمنها الدستور الإسباني، ولاسيما حرية التعبير، والإبداع الفني». ويضيف: «هذا يثبت ان المحرمات ما زالت موجودة في اسبانيا، وإن هناك شخصيات سياسية تدافع عن هذا الشخص»، مشيراً في السياق ذاته الى رفض السلطات التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في عهد فرانكو استناداً الى قانون عفو صدر في العام 1977، وإلى الضغوط التي أطاحت القاضي بالتازار غارثون الذي كان يريد التحقيق في ذلك. ويقول اوجينيو «انه امر ضروري جداً ان يكون الفنان متصلاً مع ما جرى في الماضي». ويشير الى الأعمال التي ينفذها، ومنها رأسان للزعيم الكوبي السابق فيديل كاسترو، والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، ومنحوتة لكيم جونغ ايل، نجل مؤسس النظام الشيوعي في كوريا الشمالية، ووالد الزعيم الحالي للبلاد، وستوضع هذه المنحوتة أيضاً في ثلاجة.