نتحدث كثيراً حيال الأمن من كل الأوجه والمعايير، سواء كان الأمن المتعارف عليه، أم الأمن الغذائي، أم الأمن الفكري، الذي ذاع صيته أخيراً، وكذلك الأمن الاجتماعي الأسري داخل كيان الأسرة، وهذا شيء طبيعي، فتلك الكلمة لها مدلول خاص لكل الشرائح وعموم الفئات داخل المنظومة الواحدة كنسيج وحدة غير قابل للتجزئة، ولكننا نلحظ جميعاً أننا غفلنا في شكل مثير وواضح جداً بخصوص ما يسمى بالأمن البيئي، تلك الكلمة أو الجملة البسيطة التي بكل أسف لا نعطي لها اهتماماً قوياً ومميزاً، نعم غفلنا عنها بكل ما للكلمة من معنى. فعندما نمر مرور الكرام على الكثير من المواضيع، نقف أمامها ونتأمل في شكل جذري للحفاظ على هوية معينة، أو للقضاء على توجس معين، ولم ندر أن البيئة التي نعيش داخلها هي الأساس لكل مصدر أمن، سواء ما تم ذكره أعلاه أم غيره. والمطلع بكل أسف حالياً، ودعني عزيزي القارئ آخذ معك المملكة كمثال، على كل بيئاتها كانت صحراوية أم جبلية أم ساحلية، يجد العجب العجاب من حيث الإهمال الواضح من العامة لصيانتها واحترامها، ومن حيث المتطفلين وعبثهم، وكذلك من حيث تفعيل أدوات الرقابة الأخرى التي همشت في شكل واضح تلك الأدوات الضرورية، وعليه نجد أن الأمن البيئي لم يأخذ حقه كلمة ومعنى وكذلك مفهوم جلي وواضح. وبالعودة إلى اختلاف المسميات أو الأنماط من حيث اهتمام بعض الجهات بتخصيص جوائز معينة لمجالات متعددة، نجد أن لدينا مختلف أنواع المسابقات والجوائز والتكريمات لفروع مختلفة من شتى المعارف والتخصصات والمجالات، بينما نغفل تماماً عن تخصيص ذلك لمجال هو الأهم، وأعني بذلك المجال البيئي، إذ مررت على عجل للاطلاع حيال البيئة، وما تم تخصيصه لها من تكريم أو جائزة بذاتها أو مسابقة تابعة لمدرجاتها، وبكل أسف وجدت أن عموم الجهات من دون استثناء لم تجعل من نصيب البيئة شيئاً يذكر. وبذلك أقول إن البيئة أو الأمن البيئي لدينا حلقة مفقودة تماماً من كل الجوانب المعرفية والمفاهيمية التي في مفهوم المجتمعات المتحضرة هي الأساس والركن القوي. فهل من متبصر تجاه احترام البيئة، لنحصل بالفعل على أمن بيئي يقودنا في ما بعد إلى الأمن الذي ننشده من مختلف الجهات الأخرى، فكما يعلم الجميع أن إهمال التأسيس لكل شيء، باعتباره قاعدة حتماً سيكون هدماً لما سواه، فكم نحن في حاجة ماسة إلى تعزيز مفهوم التثقيف البيئي في مجتمعنا لننعم بأمن متنوع وذي شمولية مفعمة بالطمأنينة. عبدالله مكني المنسق العام لجمعية البيئة السعودية بالباحة [email protected]