يمرّ موسم مهرجانات السينما العربية، هذا العام، مرة أخرى. ربما لا جديد في هذا الموسم، الذي بات مألوفاً إلى درجة أن لا شيء يتغيّر فيه، سوى عناوين الأفلام الجديدة، التي أمكن هذا المهرجان أو ذاك الحصول عليها، في عروض أولى عربية وعالمية، أو تداول الأخبار عن تأجيل «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، وإلغاء «مهرجان الدوحة ترايبكا»، وتوزيع دمه على مهرجانين جديدين («أجيال»، و «قمرة»)، أو التعديلات الملحوظة على مواعيد عقد المهرجانات، في شكل يبدو أنه يخفّف من وطء التداخل بين أيامها، أو يحاول! ستكون للنقاد السينمائيين وقفاتهم وكتاباتهم بصدد موسم مهرجانات السينما العربية، وتقويم برامجها وأدائها ومشكلاتها، وتفحّص برامجها وأفلامها. ولكن من تراه ينتبه إلى ما يجري بهدوء، وعلى قدر من الخفاء، مما يمكن أن نسمّيه «تلفزة» السينما، من خلال «تلفزة» المهرجانات، وهي الظاهرة التي أخذت بالتصاعد مع ميل القنوات الفضائية العربية إلى الاتكاء على السينما مصدراً لأخبار النجوم والأحداث، وتغطية ساعات البثّ البرامجية، وازدياد منهج التسليع الذي طالما كان آفة التلفزيون، إلى أن أخذ يطاول السينما ومهرجاناتها. دعك من نجوم مسلسلات وبرامج التلفزيون، الذين باتوا ضيوفاً في مهرجانات السينما، بغياب الكثيرين من السينمائيين الذين لا يجدون بطاقة دعوة مُتاحة! انتبه إلى أن مذيعة تلفزيونية ستتولى مهمة اعتلاء منصة افتتاح مهرجان سينمائي في مغرب الوطن العربي، لتقديم فقرات الافتتاح أو الاختتام، «ربما» في محاولة للاستفادة من شهرتها التلفزيونية، أو «ربما» لتجاوز حالة خلل كان يُراد تجاوزها في اللحظات الأخيرة، فلم يجد المنظمون بدّاً من الاستعانة بمذيعة تلفزيونية ذات خبرة ومراس في التقديم والتعليق والتصرّف «على هواء»، وإن كان «هواء» مسرح المهرجان، هذه المرة. نقول «ربما»، ونكرّرها، لأننا لسنا على يقين مما استدعى حدوث ذلك، في مغرب الوطن العربي. ولكن من المؤكد أن استعانة مهرجان سينمائي في مشرق الوطن العربي بمذيعة تلفزيونية لتقديم حفل افتتاحه أو اختتامه، لن تكون مفهومة إلا من باب عقد الصلة بين «السلعة التلفزيونية» و «المهرجان السينمائي»، في محاولة للاستفادة من شهرة المذيعة التلفزيونية، التي ما عُرف عنها التعامل مع السينما إلا باعتبارها سلعة تلفزيونية، تختصّ بأخبار النجوم وحواراتهم، وخباياهم وأسرارهم، ومن خلال برامج أقرب إلى الترفيه منها إلى السينما. صحيح أن مهرجانات السينما العربية باتت موضوعاً خبرياً ومنهلاً للكثير من المواد التي يحتاجها التلفزيون لملء بئر بثّه الذي لا قرار له. ولكن مهرجانات السينما العربية وُجدت أصلاً من أجل فكرة السينما فناً وثقافة، لا سلعة!.. وإلا لماذا تأنف هذه المهرجانات عن عرض الأفلام الشعبية، أو التجارية، التي تحصد الملايين في مواسم الأعياد والإجازات، من دون أن يراود أيّاً منها وهْم العرض في هذه المهرجانات أيضاً؟ وإذا كان المقصود جرّ قدم المزيد من الجمهور، فعندها، لماذا لا نشاهد «اللمبي» فيلماً معروضاً في المهرجانات، ونكتفي بدعوة بطله ضيفاً؟