يشهد البرلمان التركي مداولات ساخنة في إطار مناقشة الموازنة العامة للعام المقبل، على خلفية فتح المعارضة دفاتر الدعم المالي الذي قدمته حكومة رجب طيب أردوغان ل «الربيع العربي»، فيما تضج كواليس البرلمان بسيناريوات وتخمينات التعديل الحكومي المرتقب، وهل يمهد لفترة ما بعد أردوغان الذي يُجمِع أعضاء حزبه على أنه سيترشح لرئاسة الجمهورية الصيف المقبل، ويترك الحزب. ووصف كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، الموازنة بأنها «غير شرعية» لأن الحكومة تصر على إخفاء تقرير لجنة المحاسبة والتفتيش المالي عن السنوات الثلاث الأخيرة، والذي يكشف «فساداً مالياً وإدارياً مستشريين». وفي إطار عرضه أسباب إخفاء الحكومة التقرير، أشار كيليجدار أوغلو إلى إنفاق الحكومة لدعم «الربيع العربي»، مشدداً على أنها تريد إخفاءه. وطرح أمثلة قال إنه حصل عليها من تسريبات لتقرير المحاسبة، منها تقديم منظمة التعاون التركي («تيكا») المرتبطة مباشرة برئيس الوزراء، دعماً للحكومة التونسية هذا العام يتضمن 3 آلاف قيد معصم (كلبشة) وخمس سيارات أمن لتفريق المتظاهرين، وعصياً للشرطة وقنابل غاز مسيل للدموع. وتساءل كيليجدار أوغلو عما إذا كان هناك رابط بين هوية الحكومة التونسية الحالية (الإسلامية) وهذا الدعم الأمني الذي يخالف تصريحات المسؤولين الأتراك إذ يؤكدون دائماً دعم حرية التعبير والتظاهر في دول «الربيع العربي». كما اتهم زعيم حزب الشعب الحكومة بإنفاق ما تجبيه من ضرائب من المواطنين على شراء أسلحة للمعارضة السورية، مستنداً إلى أقوال سائق شاحنة اعتُقِل قبل شهرين فيما كان يحاول تهريب قنابل إلى سورية، وهو تحدث عن تعاون «قوى أمنية» لنقل تلك الأسلحة إلى سورية. ويُتوقّع أن يشهد اليوم أكثر الجلسات النيابية سخونة، مع بدء مناقشة موازنة وزارة الخارجية، واستعداد المعارضة للانقضاض على وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، وانتقاد السياسة الخارجية للحكومة، في حين تغذي الانتقادات آمالاً وسيناريوات في كواليس البرلمان حول مستقبل الوزير في تعديل حكومي قريب، سيكشفه أردوغان الشهر المقبل. إذ ترجح المعارضة وبعض الأوساط داخل الحزب الحاكم أن ينتهي عهد داود أوغلو إما في التعديل المقبل وإما مع انتخاب أردوغان رئيساً في الصيف، وذلك ضمن تغيير شامل للسياسة الخارجية يُعدّ بدعم من مجلس الأمن القومي ورعايته. وسيضطر أردوغان لإجراء تعديل حكومي، بعد إعلان عدد من وزرائه ترشحه للانتخابات البلدية في آذار (مارس) المقبل. وتشير السيناريوات المتداولة إلى أن أردوغان سيزيد المقربين المطيعين في الحكومة، وسيطيح نائبه وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية بولنت أرينج الذي انتقد الشهر الماضي سياسة رئيس الوزراء في إدارة الحزب، وسيُستبدل بمستشاره أردوغان يالتشن أكضوغان عرّاب حل القضية الكردية. وتشير معلومات إلى أن أردوغان سيبدأ ترتيب أوضاع الحزب والحكومة كي تكون جاهزة عندما يغادرها صيفاً، كي يضمن تركيبة وزارية موالية له، على الأقل في أول سنة له رئيساً، حتى موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2015.