تتسارع الأحداث في إسرائيل بوتيرة غير طبيعية تجعل من خبر اليوم نقيضاً لما كان أمس، وتضعه تحت علامة سؤال كبيرة في يوم الغد. إذ بدأ الأسبوع الجاري ببوادر أزمة ائتلافية حين هاج قادة اليمين في أعقاب قرار زعيمة حزب «الحركة» الوسطي، وزيرة القضاء تسيبي ليفني منع بحث مشروع قانون «القومية» في لجنة التشريع الوزارية التي ترأسها بداعي أن المشروع الذي يعطي الأولوية ل «يهودية» الدولة قبل ديموقراطيتها، «غير ديموقراطي»، فيما اتهم زعيم الحزب الأكبر في الحكومة «يش عتيد»، وزير المال يئير لبيد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بالتراجع عن تفاهمات معه في شأن بنود في الموازنة العامة. وصدرت عن لبيد وليفني تهديدات بمغادرة الائتلاف الحكومي في حال إقرار قانون المواطنة أو التراجع عن التفاهمات على الموازنة، وراجت أنباء عن دعوة نتانياهو الحزبين الدينيين المتزمتين «شاس» و «يهدوت هتوراه» إلى حكومته، لكن زعيمي الحزبين أعلنا أنهما رفضاها، فعادت الساحة الحزبية لتتحدث عن تبكير الانتخابات العامة الى مطلع الصيف المقبل. وغداة ذلك، وقع الهجوم على الكنيس اليهودي في القدسالمحتلة، فطغى على مشاكل الائتلاف الحكومي، واستغله نتانياهو لتوجيه دعوة الى أحزاب المعارضة للانضمام إلى «حكومة وحدة وطنية» برئاسته بداعي أن الظرف الأمنية يتطلب ذلك. ومع بلوغ الأسبوع نهايته، وافقت ليفني بشكل مفاجئ على «صيغة معدلة» لقانون «المواطنة» يعتزم نتانياهو طرحها على الحكومة في جلستها الأسبوعية غداً، فيما غابت مشاكل الموازنة عن الأجندة اليومية، وبات أعضاء «يش عتيد» يتحدثون عن احتمال حل المشاكل، والتأكيد على عدم رغبة الحزب بانتخابات عامة مبكرة. ويتفق مراقبون على أن قادة أحزاب الائتلاف الحالي ليسوا معنيين حقاً بتبكير موعد الانتخابات العامة، ربما باستثناء «البيت اليهودي» بزعامة الوزير نفتالي بينيت الذي ارتفعت أسهمه بفعل تمسكه بأكثر المواقف تشدداً وعنصرية من الصراع مع الفلسطينيين. ورغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن لا منافس لنتانياهو على زعامة الحكومة الجديدة، وأن حزبه «ليكود» سيعزز تمثيله البرلماني في حال جرت انتخابات جديدة، إلا أن نتانياهو ليس معنياً بالدخول الآن في انتخابات في ظل أوضاع أمنية متردية نسفت ادعاءه بأن سنوات حكمه تشهد الاستقرار الأمني. وأشار معلقون إلى أن الهجمات الأخيرة في القدس، وقبلها الحرب على قطاع غزة، ضربت شعبية رئيس الحكومة بعض الشيء، ما يدفعه الآن إلى تبني مشروع «القومية» الذي يؤكد يهودية الدولة ويهمّش مسألة مساواة المواطنين العرب، ليظهر أمام اليمين الذي ينزاح باستمرار نحو مزيد من التطرف، بأنه «الرجل الوطني» بأكبر أل تعريف. كذلك لا يبدو أن لبيد وليفني معنيان حقاً بتبكير انتخابات تتوقع الاستطلاعات أن تأتي نتائجها في غير مصلحتهما، وفي ظل أجواء تؤكد أن نتانياهو لن يكرر الشراكة الحكومية معهما، وسيعود إلى تحالفه «التاريخي» مع الحزبين الدينيين «شاس» و «يهدوت هتوراه». من جانبه، لا يبدي زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني العلماني، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان حماسة للذهاب إلى انتخابات جديدة بداعي أنها لن تغير الخريطة الحزبية. وأكدت تقارير صحافية أمس أن ليبرمان طمأن نتانياهو إلى أنه باقٍ في ائتلافه الحكومي. وذكرت صحيفة «معاريف» أمس أن ليبرمان أبلغ نتانياهو أيضاً أنه في حال انسحاب لبيد وليفني من الحكومة، فإنه سيعدل عن معارضته ضم الحزبين الدينيين المتزمتين «شاس» و «يهدوت هتوراه» إذا كان الأمر يمنع الذهاب الى انتخابات مبكرة. وعزت الصحيفة تراجع ليبرمان إلى مخاوفه من أن يتراجع تمثيل حزبه في انتخابات قريبة. ووصفت تراجع ليبرمان ب «الدراماتيكي» الذي يعطي نتانياهو متنفساً حقيقياً، وإن كان يبقي مفتاح تقديم الانتخابات من عدمه بيد رئيس الحكومة.