الاهتمام السياحي في المناطق الأثرية بالمملكة، فتح الطريق لعدد كبير من المطالبات والتغييرات الجذرية داخل القرى، وذلك تمهيداً لإصلاح شامل يضع تلك المناطق في مصاف الاهتمام العالمي بالسياحة التراثية والتاريخية، إلا أن أهالي تلك القرى يرون أن مشاريع السياحة لا تعدو كونها تجميلية لماض عريق، لا يسهم في تلبية مطالبهم التنموية، ولا يحقق المشاريع التنموية. وعلى رغم كثرة المطالبات والمرافعات لأهالي قرية الأطاولة السياحية في منطقة الباحةجنوب السعودية، لدى الإدارات الحكومية والمعنية بضرورة التطوير وتلبية الحاجات، إلا أن تلك المطالبات لم تلق الاهتمام البالغ لدى تلك الجهات، ليتخذ الأهالي بعد ذلك التنمية السياحية طريقاً آخر لإيصال مطالبهم، وتحقيق متطلباتهم الضرورية. يروي أحد سكان قرية الأطاولة في منطقة الباحة أن اهتمام الهيئة العامة للسياحة والآثار بالقرى الأثرية تطور حضاري للمحافظة على التاريخ والحرص على منجزات الآباء والأجداد من الاندثار، مبيناً أن تلك المبادرة فتحت الطريق لسكان القرية لإيصال مطالباتهم ومعاناتهم مع الجهات الحكومية التي لم تستجب لهم منذ أعوام مضت. ويقول إن زوار قرية الأطاولة الأثرية ما فتئوا يعبرون عن إعجابهم الشديد باهتمام وتطوير القرية الأثرية، وذلك من تحسين للطرقات القديمة وإعادة بنائها من البلدية، والاهتمام الواضح بالبيئة التاريخية للمنطقة كافة، مشيراً إلى أن ذلك الاهتمام مهّد لأهالي القرى بإيصال مطالبهم العاجلة التي تم تهميشها على مدى أعوام مضت، مطالبين بضرورة إنجاز ما تم رفعه. من جهته، يشير أحد أبناء قرية الأطاولة سفر الزهراني إلى أن قرية الأطاولة الأثرية تعد من أهم المواقع السياحية في المنطقة، وذلك لتميز موقعها المرتفع بوسط المدينة وإطلالتها على جهات عدة، وقربها من الشارع العام طريق الطائفالباحة، لافتاً إلى أن القرية تحتوي على عدة مبان قديمة ذات تصميم فريد، منها حصن العثمان وحصن دماس. ويضيف: «إن الحصون التاريخية الأثرية في القرية مكونة من أدوار عدة وتم تصميمها على الرسم العمراني الأقرب إلى العثماني الذي كانت تسود ثقافته المنطقة في تلك الحقبة الزمنية، إضافة إلى وجود مسجد القرية الأثري القديم الذي يقع في وسطها». ويتفق عبدالله الجريدان مع ما قاله سفر الزهراني، إلا أنه يرى أن التوجه الأخير للحكومة السعودية في الاهتمام بالسياحة والآثار في المناطق التاريخية جزء من الاهتمام بالحضارة والماضي العريق، وبذلك الاهتمام فإن تلبية حاجات المنطقة والقرى من المشاريع التنموية ستبدأ في الإنجاز، وذلك لمواكبة تطلعات الحكومة في التطور الأثري والعمراني. ويبين أن من أبرز مطالبات الأهالي تطوير مستشفى قرى العام في المنطقة، والذي يخدم أبناء المنطقة كافة، إضافة إلى الاهتمام بصيانة الشوارع والطرقات، خصوصاً التقاطعات المرورية، والذي وصفها بالتقاطعات الخطرة جداً، ولك لما حصدته من أرواح بشرية نتيجة للحوادث المرورية. وأضاف: «لسنا ضد الاهتمام السياحي والتطور التنموي للقرية، والذي تم إقراره قبل خمسة أشهر، ولكن لابد من أن يكون الاهتمام السياحي موازياً للاهتمام العام بالمشاريع ومتطلبات القرية، إذ إنها جميعاً ستصب في مصلحة القرية والمنطقة كافة». تضم أكبر «الحصون» التاريخية... وترتفع 100متر عن سطح الأرض يعد موقع قرية الأطاولة الأثرية المطلة على الشارع العام الرابط بين الباحةوالطائف، عبر جبال السروات في الحجاز أحد المعالم الأثرية والحضارية في المنطقة، إذ تشتمل على مبان تاريخية قديمة، تتربع على مجموعة من التلال بين واديين كبيرين يصبان في وادي «بيدة»، وينبع الواديان من مسافة خمسة كيلومترات إلى الجنوب من الأطاولة ويتجهان إلى الشمال، ويدعى الوادي الغربي منها بوادي «قريش». وبحسب أهالي القرية فإن القرية تمتد على طريق الباحةالطائف الرئيسة، والمنحدرة إلى الجزء الغربي لوادي «قريش»، إذ يبلغ عرضه 400 متر، ويبدأ مجرى الواديين على بعد كيلومترين إلى الجنوب من البلدة، والتي ترتفع عن سطح الأرض نحو 100 متر، بالمقارنة مع وادي «الحكمان» في المنطقة. ويضيف الأهالي: «إن قرية الأطاولة تحوي تلالاً كبيرة، إذ تقع شرق القرية ويبلغ ارتفاعها 150 متراً فوق مستوى وادي قريش، وتمثل نواة الحياة السكانية في البلدة منذ قرون عدة، إذ تشتمل على مبان قديمة منها حصن «دماس»، الذي يعتقد أنه أول بناء أقيم في منطقة الباحة، إضافة إلى وجود حصن «آل عثمان»، الذي كان يسمى ب «حصن المشيخة»، إذ سكنه عدد من شيوخ القبيلة».