تتجه إيرانوأفغانستان إلى إبرام معاهدة تعاون استراتيجية طويلة الأمد، تأخذ في الاعتبار الخلافات المستحكمة بين كابول وإسلام آباد، وعجز السلطات الباكستانية في تلبية المتطلبات الرئيسية لواشنطن لجهة ضمان انسحاب آمن للقوات الأميركية و «الأطلسية» من الأراضي الأفغانية بحلول نهاية العام المقبل. وبدا أن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، الذي قام امس بزيارة لباكستان هي الأولى من نوعها منذ اربع سنوات، فشل في تلبية طلب إسلام آباد وقف غارات الطائرات بلا طيار التي تستهدف معاقل المتشددين غرب باكستان، ما يفاقم حال العداء للأميركيين في الشارع الباكستاني ويوجِد بيئة غير مؤاتية لتدفق إمدادات قواتهم إلى أفغانستان، ناهيك عن ضمان انسحاب آمن لهذه القوات. واتفق الرئيسان الإيراني حسن روحاني والأفغاني حميد كارزاي، خلال زيارة الأخير لطهران الأحد، علي إطلاق محادثات لإبرام «معاهدة صداقة» بين البلدين، تشمل التعاون الإستراتيجي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية. وأوكلت مهمة إنجاز هذه المعاهدة لوزيري خارجية البلدين علي أن ينجز التفاهم في هذا الشأن في القريب العاجل، وتحديداً قبل توقيع الاتفاق الأمني بين كابولوواشنطن، والذي يفترض أن ينظم وجود القوات الأميركية في أفغانستان. ويعتقد متابعون للملف الأفغاني في طهران، أن الاتفاق الأمني الذي يسعى إليه الأميركيون ويتحفظ عنه كارزاي، شكل حافزاً لمزيد من التقارب بين كابولوطهران، التي تسعي إلى ايجاد «بيئة صديقة» في أفغانستان، حفاظاً على الأمن القومي لإيران ومصالحها الإقليمية. وتخشي طهران من أن يشمل الاتفاق الأمني بين كابولوواشنطن، منح الأميركيين قواعد عسكرية في أفغانستان، الأمر الذي تعتبره إيران اختراقاً أمنياً، نظراً إلى تواجد جماعات إيرانية انفصالية قرب الحدود بين البلدين، يمكن أن تستغلها واشنطن. وأكدت مصادر الخارجية الإيرانية أن محادثات الرئيس الأفغاني في طهران، «لم تكن بعيدة عن استحقاق انسحاب القوات الأجنبية، إذ سربت مصادر أميركية مراراً، كلاماً عن حاجة قواتها إلى مساعدة دول الجوار الأفغاني، لاستكمال الانسحاب، في ظل قلق لدى واشنطن من الإغلاق المتكرر لطرق الإمداد «الأطلسية» في باكستان وتواجد مسلحي «طالبان» علي الحدود الأفغانية - الباكستانية، في حين أن الحدود مع طاجكستان لم تعد آمنة، إضافة إلى صعوبات لوجتسية في نقل معدات وجنود عبر شمال أفغانستان المتاخم للحدود الطاجكية. ورأت المصادر أن طهران مستعدة لتقديم دعم لوجستي للقوات الأميركية المنسحبة، لكنها تربط ذلك بتطورات الاتفاق النووي وما قد يشمله من تفاهمات إقليمية على الصعيدين الأمني والسياسي. واعتبرت المصادر أن تعاوناً من هذا النوع يمكن أن يكون قابلاً للنقاش في حال سارت مفاوضات الملف النووي باتجاه إغلاقه وعودته إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد أن يتم الاعتراف بحق إيران في اقتناء «الدورة الكاملة للتقنية النووية».