في كل مرة، وحدهم رجال الدين في طائفة الموحدين من يقع عليهم عاتق المرور من الازمات والخروج منها بسلام، فهم بين نارين الاولى هي معارضة متفرقة مشرذمة متقاتلة فيما بينها لا يهمها سوى الحصول على مكاسب وهمية في اروقة الاجندات الدولية حتى لو حرق الدروز بأكلمهم مقابل ذلك، والثانية موالاة مستعدة أيضاً لحرق دروز سورية في سبيل منصب حكومي او حزبي في نظام الاسد او هاتف ترضية من فرع امني. إن ذهبوا في خيار الحرب المفتوحة مع نظام الاسد، فحلب وحمص وريف دمشق ليست بأغلى منهم، سيجدون البراميل تتساقط فوق رؤوسهم فيما المجتمع الدولي يصرخ مطالباً بوقف المجازر بحقهم حالهم كحال بقية السوريين، من دون نسيان حياة اللجوء والتشرد في المخيمات والقريب يتاجر بهم قبل الغريب، وإن ذهبوا مع نظام الاسد حتى النهاية فأيضاً سيعود شبانهم ضمن توابيت تماماً كما يحدث في قرى الساحل السوري، وبالتالي لم يبقَ أمامهم سوى خيار واحد الوقوف جانباً وجعل مدينتهم حضناً آمناً لكل العائلات السورية وبات لديهم اكثر من 600 الف سوري من مختلف المحافظات السورية أي ضعف عدد سكان مدينة السويداء. الوقوف جانباً ليس بالموقف الجيد بالنسبة الى نظام الاسد، فهذا الحل كلفهم رفض مئات الشباب الدروز المشاركة في الخدمة في جيش النظام وخروجهم خارج سورية، وبالتالي عدم عودتهم حتى سقوط النظام، ومن بقي فهو يختبئ ضمن المدينة يتجنب الحواجز خوفاً من اعتقاله وسوقه، في حين بدأت مؤخراً الصدامات بين مجموعات مسلحة من رجال الدين وعناصر الامن التابعة لنظام الاسد، اذ تتصدى هذه المجموعات في كل مرة الى محاولة عناصر الامن اعتقال الشبان وسوقهم لجيش النظام. في الجانب الآخر ليس للموحدين الدروز اي مشاكل مع الجيش الحر، فها هم في مدينة أدلب يعيشون في أمان تام وتحالف قوي مع محيطهم ومع الجيش الحر، هذا في حين من اختار من الشبان الدروز ان يكون في صفوف النظام طوعاً والقتال ضد الجيش الحر كما حدث مؤخراً في قرى جبل الشيخ حيث استنفرهم النظام بحجة ان الجيش الحر سيقوم بمهاجمة قراهم وفق معلومات قدمها لهم وعند حدوث تصادم بينهم وبين الجيش الحر تركهم النظام وانسحب من دون أن يكلف نفسه عناء اخبارهم بالانسحاب فقتل منهم حوالى 25 شاباً. النائب وليد جنبلاط العائد مؤخراً من روسيا، لم يعد خافياً على احد انه القابض على ملف الموحدين الدروز في اروقة المجتمع الدولي، وحتى بين صفوف المعارضة المسلحة في درعا وجبل الشيخ وصولاً الى دروز ادلب، تجده يحاول الحفاظ على خطوط تواصل معهم ليتدخل عند اي صدام كما حدث مؤخراً في جبل الشيخ، فالمواجهات هناك انتهت بتصريح اكد فيه المجلس العسكري للجيش الحر في القنيطرة ان لا عداء مع الدروز ولن يتم التعرض لهم بأذى. وقبل ذلك في مدينة درعا عند وقوع احداث قرية داما التي زج النظام فيها ايضاً الدروز بمعركة أودت بحياة عدد من رجال الدين بعد ان تركهم وانسحب. المشكلة الفعلية تكمن إضافة الى نظام الاسد، في «جبهة النصرة» و «داعش» اللذين فتحا باب المواجهة مع الموحدين الدروز، فالدروز بنظرهم كفار يحق قتلهم ويطبق الحكم عليهم. «فجبهة النصرة» هي من طردت عناصر الجيش الحر من ابناء الدروز في مدينة درعا وحاربتهم وأسرت اثنين منهم ما زال مصيرهم مجهولاً، وهي نفسها من أطلقت الصواريخ على مدينة السويداء عندما ثار رجال الدين ضد نظام الاسد، ومن ثم قامت بنشر اشاعات عبر اعلاميين تابعين لها بأن ثورة رجال الدين حينها لم تكن ضد نظام الاسد بل مجرد تمثيلية لا أكثر. في المرحلة المقبلة وحدهم رجال الدين من سيتحملون عبء العبور نحو ضفة الامان، فالمواجهة مع نظام الاسد قائمة وإن لم تكن علنية وخصوصاً بعد أن اصبح رجال الدين الأكثر سيطرةً على قرار الطائفة بعد تسلحهم وسيطرتهم على الارض، وبالمقابل يبقى شبح التصادم مع جهات متطرفة قائماً في أي لحظة. عبور أُجبر رجال الدين على تحمله وحيدين فلا خيار امامهم نتيجة لعدم وجود قيادة سياسية تنوب عنهم، أما الموالون منهم لنظام الاسد مستعدون لحرقهم في سبيل بقاء النظام، فيما غالبية المعارضة السياسية من ابناء المحافظة باتت مجرد هيكل فارغ يسير وفق مصالح دولية وأضخم ما تقوم به هو عقد مؤتمرات كالذي عقد مؤخراً في اسبانيا تحت اسم مؤتمر جبل العرب وأسفر عن بيان هش وهزيل واتجه المشاركون فيه لطلب اللجوء بعد وصولهم وحضورهم المؤتمر ومنهم من هرب من المؤتمر قبل انعقاده نحو بلاد اللجوء ليتبين أن معارضتهم ليست سوى حالة شكلية لا أكثر وأن اسم مدنية السويداء التي تم استخدامها من قبل القائمين في هذا المؤتمر ليس سوى بوابة لتحقيق مصالح شخصية.