استقبلت الأوساط الاقتصادية والتجارية في دبي، مؤشرات الانفراج في ملف العقوبات على إيران بتفائل حذر، علّه يعيد الزخم إلى تجارة مربحة تجاوزت 11 بليون دولار سنوياً قبل سلسلة العقوبات على طهران في السنوات الثلاث الماضية. وعلى رغم أن الاتفاق مبدئي فإنه كسر على ما يبدو حاجز الخوف بين تجار ومصرفيين في دبي، كانوا يتخوّفون من مجرد التفكير في عقد صفقة واحدة مع نظرائهم الإيرانيين خشية وضعهم على اللائحة السوداء من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها. ولاحظ نائب رئيس مجلس إدارة «موانئ دبي العالمية» جمال بن ثنية، تحسناً متواضعاً في نسبة الشحن من إيران وإليها منذ إعلان الاتفاق الأسبوع الماضي، «بعدما انكسر الحاجز النفسي الذي كان يمنع مصارف وتجاراً من التعامل مع نظرائهم الإيرانيين تجنّباً لعقوبات المجتمع الدولي، على رغم ان ملف العقوبات على إيران ليست له حدود فاصلة». وقال: «على رغم عدم شمول العقوبات بعض البضائع، مثل المواد الاستهلاكية والسلع، لكن التجار والمصارف تجاوزوا حدود المطلوب، لاعتقادهم بأن اي تعامل مع ايران سيعرضهم الى عقوبات ومشاكل، ما عمق الأثر السلبي على التجارة وحجم (التبادل) بين دبيوايران». وعلى رغم العقوبات المفروضة منذ عشر سنوات على ايران، استطاعت الأخيرة الحصول على بعض السلع التي تحتاج إليها من خلال سوق إعادة التصدير الناشطة في دبي. لكن العقوبات الجديدة التي فرضتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها نهاية عام 2011 ومطلع 2012 أضرت بها كثيراً، وانعكست سلباً على التجارة والتبادل في موانئ دبي». وانخفض النشاط التجاري بين إيرانودبي إلى 10.8 بليون درهم (نحو 2.9 بليون دولار) في مقابل 11 بليوناً قبل تشديد العقوبات مطلع عام 2011. وتباطأ نمو تجارة دبي غير النفطية عام 2012، ويُعزى ذلك جزئياً إلى تراجع التجارة مع إيران. كذلك تراجع عدد أعضاء مجلس العمل الإيراني في دبي من 600 الى 200، بعدما انتقل تجار إيرانيون كثر من دبي الى دول مثل تركيا وماليزيا. وخلال زيارة ل «الحياة» الى خور دبي، الذي يُعتبر مرسى السفن الصغيرة التي تحمل بضائع استهلاكية ومواد تموينية وأدوات منزلية وكهربائية إلى ايران، لوحظ تحسن في مزاج التجار الإيرانيين بعد ثلاث سنوات عجاف، اضطروا خلالها الى التعامل بنظام المقايضة او تحويل الأموال بواسطة أفراد لشراء البضائع التي يستوردونها من دبي او بيعها، بسبب توقف المصارف ومؤسسات تحويل الأموال عن إقراض او تحويل أموال خاصة بالتجار الإيرانيين، والإمارة هي البوابة الرئيسة لاقتصاد البلد الذي يعاني من عزلة دولية. وينتظر تاجر ايراني عرّف عن نفسه باسم رزا نجاد، رفع العقوبات عن إيران كلياً بعد ستة اشهر «بفارغ الصبر». واعتبر الاتفاق المبدئي «خطوة إيجابية لكن لا يمكن وصفه انفراجاً إلى حين رفع العقوبات كلياً». ويتيح الاتفاق المبدئي إبرام صفقات ذهب ومعادن نفيسة تصل قيمتها إلى 1.5 بليون دولار، ويعلق بعض العقوبات على قطاع السيارات وصادرات البتروكيماويات، في مقابل تقييد برنامجها النووي. كما يفسح لإيران تسلم نحو 4.2 بليون دولار من مستحقات تصدير النفط. وعلى رغم التفاؤل الحذر الذي أبداه نجاد، غير أن جمال بن ثنية ومعه الرئيس التنفيذي لشركة «دبي للاستثمار» خالد بن كلبان، أكدا ل «الحياة»، أن من شأن «تنفيذ رفع العقوبات كلياً عن إيران، فتح المجال إلى عودة العلاقات التجارية الى سابق عهدها بين دبيوطهران وربما اكثر كثيراً من السابق، على اعتبار أن الأخيرة التي فرضت عليها العقوبات الاقتصادية المشددة على مدى ثلاث سنوات، جعلتها تحتاج الى كل شيء تقريباً، بخاصة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة. وأكد بن كلبان أن الإمارات «تحتاج إلى ايران تجارياً» والعكس صحيح، «لأن سوق إيران كبيرة وواعدة وتحتاج الى كل شيء تقريباً. فيما تحتاج الإمارات إلى المواد الخام». وتوقع بن ثنية، أن يُحدث رفع العقوبات «نهضة اقتصادية تعمّ دول الخليج»، علماً أن معظم المعاملات التجارية بين ايران ودول الخليج تتم عبر امارة دبي.