أكدت مصادر مصرفية أن المصرف المركزي الإماراتي طلب من البنوك مطلع الشهر الجاري، التوقف عن تمويل التجارة مع إيران، في اطار العقوبات الاقتصادية العالمية عليها بسبب برنامجها النووي، ما انعكس سلباً على أعمال التجار الإيرانيين في دبي. وخلال جولة ل «الحياة» في منطقة «خور دبي» التي تعتبر نقطة انطلاق معظم البضائع من الإمارة في اتجاه ايران، بدت القوارب والسفن التجارية أقل نشاطاً من السابق، وحجم البضائع التي عادة ما تملأ رصيف المرسى، أقل في شكل واضح. وبدا التاجر كريم كارينجي كئيباً، وهو يشير الى بضع صناديق متراصة على رصيف الخور، قائلاً: «لا نملك سيولة لشراء بضائع اكثر، بسبب توقف تمويل التجارة مع ايران، ونحن نحاول الآن العودة الى مقايضة البضائع كما كان يفعل أجدادنا وأجداد أجدادنا». وأشار تاجر آخر فضل عدم ذكر اسمه، الى ان الظروف قد تضطر التجار الى اللجوء الى التعامل بالحوالات مع سماسرة اموال غير رسميين، «ليتمكنوا من تمويل تجارتهم وتجاوز هذه المحنة». مأزق موقت وعلى رغم تأثر التجار بقرار حظر تمويل التجارة، توقع خبراء اقتصاد ان يكون المأزق «موقتاً وناجماً عن الإرباك الذي يشعر به التجار، ولن يؤثر على التجارة بين البلدين اللذين تربطهما علاقات تجارية تاريخية، على اعتبار ان «التجار لا دخل لهم في السياسة»، وفق الخبير الاقتصادي الاماراتي احمد البنا. وأكد الأخير في تصريح الى «الحياة»، ان هناك اساليب مختلفة للتمويل يتفق عليها المستورد مع المُصدر، كما حدث في فترات سابقة اضطرت الإمارات خلالها الى تطبيق القرارات الدولية مع ايران، فاذا نظرنا الى احصاءات التجارة بين الدولتين في تلك الفترة، نجد انها لم تتأثر كثيراً». وفي حين فرض بعض الدول الغربية عقوبات صارمة على التجارة مع طهران بسبب برنامجها النووي منذ سنوات، بقيت الإمارات قناة للتجارة بينها وبين دول أخرى، وحلت ايران العام الماضي في المرتبة الثانية بعد الهند، ضمن اكبر الدول في مجال اعادة التصدير من امارة دبي، بما نسبته 17 في المئة من اجمالي هذه التجارة، لان حظر التجارة الدولية مع ايران يتعلق بسلع بعينها، ولا يشمل السلع والخدمات. ويقدر عدد التجار الإيرانيين المسجلين في دبي بثمانية آلاف، وتتجاوز قيمة التجارة بين الإمارة وإيران 10 بلايين دولار سنوياً، تشمل الترانزيت في الاتجاهين. واستبعدت مصادر اماراتية رسمية ان تؤثر العقوبات المفروضة على ايران على مكانة دبي كمركز للتصدير وإعادة التصدير، اذ ارتفعت مبادلات الإمارة مع العالم الخارجي بمعدل ستة في المئة مقارنة بعام 2010. كما تعتبر دبي مركزاً تجارياً الى كل من الهند والصين والقارة الأفريقية ودول الخليج الاخرى، إضافة الى ايران. التجارة غير النفطية وتعتبر الهند من أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات بخاصة، ودول مجلس التعاون عموماً في مجالات التجارة غير النفطية، اذ ارتفعت التجارة مع الهند في الأشهر الستة الأولى من عام 2011 لتصل إلى 123.10 بليون درهم إماراتي. وبلغت تجارة الإمارة مع القارة الافريقية العام الماضي نحو 66 بليون درهم. وتوقع نائب رئيس موانئ دبي العالمية ماجد بن ثنية، ان ترتفع تجارة الامارات مع العالم الخارجي إلى 2.4 تريليون درهم (652.7 بليون دولار) بحلول عام 2015، منها 1.34 تريليون (366.2 بليون دولار) لقطاع الصادرات، بينما ستبلغ الواردات 1.06 تريليون درهم (286.2 بليون دولار). وأشار بن ثنية، الذي كان يتحدث أمام «ملتقى الآفاق الاقتصادية» في دبي، الى أن حجم التجارة للدولة سيحقق عام 2012 نحو 276.1 بليون دولار صادرات، و219 بليوناً واردات.