واصلت قوات النظام السوري أمس محاولاتها إحكام السيطرة على بلدات في منطقة القلمون الاستراتيجية، في وقت قُتل ما لا يقل عن أربعة وجُرح نحو 20 بقصف طاول منطقة مجاورة للمسجد الأموي في قلب العاصمة السورية. وعلى رغم القصف والمواجهات، نظّم معارضون لنظام الرئيس بشار الأسد - كعادتهم في مثل هذا اليوم من كل أسبوع - تظاهرات في مدن سورية عدة في جمعة أطلقوا عليها اسم «يد الله مع الجماعة». وأوردت «الهيئة العامة للثورة» أن ما لا يقل عن 50 شخصاً قُتلوا في الساعات الماضية ومعظمهم في ريف دمشق، حيث عثر على 28 قتيلاً قضوا أول من أمس ضمن الحملة الأمنية التي قام بها النظام في مدينة دير عطية في القلمون، بينما قُتل 8 من أهالي مدينة النبك المجاورة نتيجة القصف العنيف الذي استهدفها. وأوردت «الهيئة» تفاصيل عن المذبحة التي يُزعم أن قوات النظام ارتكبتها بعد سيطرتها الخميس على دير عطية، وأشارت إلى أنها حصلت «بعد اقتحام قوات النظام للمدينة وتنفيذها إعدامات ميدانية بحق سكانها وشن حملات دهم وتفتيش وحرق للمنازل ... وحتى اللحظة ما زال الأهالي يعثرون على جثث أخرى في بساتين المدينة، الأمر الذي أدى إلى حركة نزوح كبيرة» من أهاليها. وأوردت «الهيئة» أسماء 34 قتيلاً قالت إنهم سقطوا في هجمات النظام على دير عطية خلال الأيام العشرة الماضية قبل انسحاب الثوار منها الخميس. وأشارت «الهيئة العامة للثورة» إلى أن طائرات النظام شنت غارة أمس على طريق النهر خلف سوق الخضار في مدينة النبك المجاورة لدير عطية، في إشارة إلى إصرار القوات المؤيدة للأسد على استكمال السيطرة على منطقة القلمون الاستراتيجية. وذكرت وكالة «فرانس برس»، من جهتها، أن قوات النظام توسّع عملياتها في القلمون شمال دمشق في محاولة لاستكمال السيطرة عليها، ما سيشكل، إن حصل، تطوراً بالغ الأهمية في سير المعركة. وكانت قوات النظام مدعومة من «حزب الله» اللبناني أحكمت الخميس سيطرتها على بلدة دير عطية المجاورة للنبك بعد استعادتها السيطرة على بلدة قارة الى الشمال منها في 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، وهي مصممة - كما يبدو - على طرد مقاتلي المعارضة من النبك للتوجه بعدها نحو بيرود. وتقع هذه البلدات الأربع على خط واحد على طريق حمص - دمشق السريع. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن ل «فرانس برس» الجمعة «تدور معارك عنيفة على محور النبك التي كانت دخلتها قوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني الخميس»، مشيراً إلى أن مقاتلي المعارضة «أفشلوا خلال الساعات الماضية محاولة تقدم لهذه القوات». وأضاف أن قوات النظام «قررت على ما يبدو اعتماد القوة التدميرية لدخول النبك، وهو أمر تجنبته في مدينة دير عطية ... كون الأخيرة موالية بغالبيتها للنظام، ولا يزال معظم سكانها موجودين فيها». وأشار عبدالرحمن إلى أن النبك محاصرة عملياً منذ سقوط قارة، موضحاً أنه «لم يدخل إليها منذ ذلك اليوم أي مواد غذائية أو أدوية». وكان مصدر أمني سوري ذكر الخميس ل «فرانس برس» أن «الهدف التالي بعد السيطرة على النبك سيكون بلدة يبرود وبعض القرى المجاورة». وتعتبر منطقة القلمون الجبلية الحدودية مع لبنان استراتيجية لأنها تشكل قاعدة خلفية للمعارضة المسلحة تزود منها معاقلها في ريف دمشق وبعض المناطق المتبقية لها في حمص بالسلاح والرجال. كما أنها أساسية للنظام، لأنها تؤمّن له التواصل بين وسط البلاد والعاصمة. وكان تقدم مفاجئ لمقاتلي المعارضة في الأيام القليلة الماضية على الجبهة الجنوبية قد أدى إلى طرد القوات الحكومية ومقاتلي «حزب الله» من العديد من القرى التي سيطروا عليها خلال الشهور القليلة الماضية. وقال نشطاء إن اشتباكاً عنيفاً وقع على مشارف بلدة العتيبة التي كان مقاتلو المعارضة يستخدمونها لنقل امدادات الأسلحة من دمشق إلى أن سيطر الجيش عليها في نيسان (ابريل) الماضي. وذكر التلفزيون الرسمي السوري أمس الجمعة أن الجيش أحبط «محاولة إرهابية للتسلل من الأردن» وقال إن مقاتلي المعارضة يحاولون تعزيز صفوفهم في المعركة حول دمشق الواقعة على بعد 110 كيلومترات عن الحدود مع الأردن. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 17 عنصراً من «حزب الله» قتلوا في معارك في ريف دمشق، لا سيما في معركة الغوطة الشرقية التي تسير بالتوازي مع معركة القلمون، والتي يحاول مقاتلو المعارضة من خلالها فك الحصار المفروض على الغوطة منذ أكثر من سنة. كما أشار إلى مقتل 11 عنصراً في معارك ريف دمشق من «لواء أبو الفضل العباس» المؤلف من مقاتلين شيعة معظمهم عراقيون يقاتلون الى جانب قوات النظام أيضاً. ونعى «حزب الله» خلال الأيام الماضية العديد من «شهداء المقاومة» الذين سقطوا وهم «يقومون بواجبهم الشرعي» من دون اعطاء تفاصيل عن مكان مقتلهم. ويمكن مشاهدة صور هؤلاء الشبان على صفحات عدة قريبة من «حزب الله» على «فايسبوك» بينها صفحة «جنوبلبنان» التي تزخر أيضاً بالإطراء والمديح للأمين العام ل «حزب الله» حسن نصرالله. في غضون ذلك، قُتل أربعة أشخاص وأصيب ما لا يقل عن 20 جراء سقوط قذيفة هاون في منطقة المسكية قرب الجامع الأموي في العاصمة السورية، وفق ما أعلنت «الهيئة العامة للثورة». أما التلفزيون السوري فأورد في شريط إخباري عاجل أن «قذائف هاون اطلقها إرهابيون أمام الجامع الأموي بدمشق أسفرت عن سقوط 4 شهداء و26 جريحاً». ومنذ أسابيع، تصاعدت وتيرة إطلاق قذائف الهاون على العاصمة. وتتهم السلطات السورية «إرهابيين» بتنفيذ هذه الاعتداءات، معتبرة ذلك «مؤشراً للإفلاس الذي يعاني منه الإرهابيون بعد الانتصارات التي حققها الجيش ميدانياً». وفي مخيم اليرموك في ضواحي دمشق، قال معارضون إن قتيلاً وعدداً من الجرحى سقطوا أمس جراء إطلاق الرصاص عليهم من قوات النظام خلال تظاهرة خرجت في المخيم للمطالبة بفك الحصار عنه. وفي حلب (شمال)، أشار معارضون إلى وقوع اشتباكات عنيفة بعدما تمكن «الجيش الحر» من قتل خمسة من قوات النظام قرب حاجز العموري في حي صلاح الدين. ووقعت الاشتباكات خلال محاولة النظام سحب جثث قتلاه. في غضون ذلك، ارتفع إلى عشرة عدد القتلى الذين سقطوا الخميس في غارة نفذها الجيش السوري على حلب، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال «المرصد» في بريد إلكتروني الجمعة «ارتفع إلى عشرة بينهم خمسة أطفال وثلاث سيدات إحداهن حامل عدد الشهداء الذين قضوا اثر القصف من طائرة مروحية عصر الخميس على منطقة قاضي عسكر بمدينة حلب». وكان «المرصد» وناشطون أفادوا أول من أمس عن إطلاق طائرات مروحية براميل متفجرة فوق حي قاضي عسكر المتاخم لحي القاطرجي في جنوب شرقي حلب، في منطقة مزدحمة بالمارة، ما تسبب بدمار وقتلى وحالة هلع بين السكان. كما أصيب في الغارة اكثر من عشرين شخصاً. وفي ريف حماة الشرقي، سُجّل قصف مدفعي لقوات النظام استهدف قريتي مسعدة والمكيمن. أما في ريف حمص، فتجدد القصف بالهاون على مدينة الرستن من كتيبة الهندسة في شمال المدينة.