تعرضت المحادثات بين وفدَي الحكومة السودانية ومتمرّدي «الحركة الشعبية - الشمال» الجارية في أديس أبابا لتسوية النزاع في منطقتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى نكسة، دفعت الوساطة الأفريقية إلى إرجاء لقاءين لحسم التوقيع على اتفاق إطار في هذا الشأن. واتهمت الخرطومواشنطن بتحريض المتمردين لتعطيل عملية السلام. وأرجأ الوسيط الإفريقي ثابو مبيكي لقاءين ليل الأحد وصباح أمس لمناقشة موقف الطرفين من مشروع الاتفاق الإطار، بعد موافقتهما على غالبية بنوده التي تشمل قضايا إنسانية ملحة في المنطقتين. واتهم رئيس الوفد الحكومي المفاوض إبراهيم غندور المبعوث الرئاسي الأميركي الى السودان دونالد بوث بالسيطرة على موقف المتمردين، وقال إن المبعوث كان يمثل الرأي الذي جاء به المتمردون. وأوضح أن هنالك توافقاً شاملاً بين الطرفين. وأشار غندور الى وجهة نظر برزت داخل «الحركة الشعبية»، تفيد بأن أبناء المنطقتين «باتوا يشعرون بأن قضيتهم يتاجر بها من أجل تحقيق أجندة سياسية». ولفت الى أنه سعى الى مناقشة كل القضايا للتوصل الى اتفاق ثنائي، على رغم أن بداية المفاوضات كانت متعثرة، و»كان هناك طرح غير من مقبول من الطرف الآخر». وقال غندور: «موقفنا كان ثابتاً، وهو أننا جئنا لمناقشة قضايا منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وإن القضايا القومية مكانها الحوار القومي مع كل القوى السياسية ليكون اتفاقاً سودانياً شاملاً». وأوضح إن الحكومة وافقت على اقتراح تقدمت به الوساطة الإفريقية يتضمن حلاً شاملاً لقضايا السودان، بما فيها المنطقتان، عبر مراحل. وأضاف المسؤول السوداني أن البنود التي وافق عليها وفده لا تتضمن أي حديث عن «اتفاق باريس» الموقع بين تحالف متمردي «الجبهة الثورية» وحزب الأمة بزعامة الصادق المهدي. وقال «طلبنا من الوساطة حذف اي فقرة تتحدث عن اتفاق باريس لأنه لا يعنينا في شي وإذا وافقت الحركة على ملاحظاتنا فإننا مستعدون للتوقيع فوراً». واعتبر أن مشاركة بعض قيادات «الجبهة الثورية» بالمفاوضات كانت محاولة لإفشالها مبكراً، ومحاولة للطرف الآخر أن يوسع عبرها مشروعيته. وأكد غندور أن الآلية الأفريقية لم تقدم ورقة توافقية للأطراف، بل قامت بإجراء بعض التعديلات حول ما اتفقنا عليه في نيسان (أبريل) الماضي. وعقد الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي لقاء مطولاً بين رئيسي وفدي الحكومة إبراهيم غندور و «الحركة الشعبية» ياسر عرمان في محاولة لتسوية خلافات تعطل توقيعهما على الاتفاق الإطار. ولا يستبعد أن يعلن مبيكي تعليق المحادثات في حال تمسك الطرفان بمواقفهما. من جهة أخرى، رأس مبيكي اجتماعاً في أديس أبابا أمس، للبحث في سبل اتفاق لوقف الأعمال العدائية في إقليم دارفور، شاركت فيه حركتا «العدل والمساواة» برئاسة جبريل إبراهيم و»تحرير السودان» برئاسة مني أركو مناوي. وأكد قياديون في الحركتين المتمرديتن حرصهم على تحقيق السلام والاستقرار في دارفور. وأوضح المسؤول السياسي في «حركة العدل والمساواة» أحمد تقد لسان في تصريحات أن الاجتماع هدف الى تهيئة أرضية تمكّن القادة الميدانيين في الحركات المسلحة من التعرف على القضايا المتعلقة بوقف إطلاق النار وعملية التفاوض. وأفاد بأن الاجتماع المعلن السبت المقبل في أديس أبابا، سيكون فرصة سانحة لأطراف النزاع في دارفور للتوافق على أجندة تمكنهم من الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة. اعتداءات على نساء على صعيد آخر، اعلنت الحكومة السودانية، إنها منعت فرق تقصي تابعة للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) من الوصول إلى قرية تابت شمال دارفور للمرة الثانية، للتحقق من مزاعم اغتصاب جماعي طاول 200 من نساء وفتيات قاصرات في القرية على يد قوة من الجيش. وشكت الأممالمتحدة من ان القوات السودانية منعت في البداية أعضاء في بعثة «يوناميد» من الوصول إلى قرية تابت في شمال دارفور في وقت سابق من الشهر الجاري، وسمح للبعثة في ما بعد بزيارة المنطقة ولم تعثر على أي أدلة تدعم التقارير عن اغتصاب جماعي في القرية، وأكدت عزمها على إجراء مزيد من التحقيقات في المنطقة. لكن وزارة الخارجية السودانية أصدرت بياناً أعلنت فيه إنها لم تسمح لبعثة حفظ السلام بدخول المنطقة لأنها سعت إلى الالتفاف على الخرطوم وتوجهت مباشرة إلى سلطات دارفور للحصول على إذن السبت الماضي. ولفتت الخارجية الى إن السودان يرتاب في الدوافع وراء إصرار البعثة على زيارة ثانية إلى منطقة تابت.