أعاد نقل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للعلاج في فرنسا الأسبوع الماضي النقاش مرة أخرى حول إمكان منعه من إكمال ولايته، إلا أنه يستحيل تطبيق هذا الإجراء، وفق ما قال خبراء وسياسيون جزائريون. وعولج بوتفليقة (77 سنة) من الخميس إلى السبت في عيادة بغرونوبل في جنوب شرقي فرنسا، بعد حوالى سبعة أشهر من إعادة انتخابه لولاية رابعة، وهو يعاني ضعفاً منذ إصابته بجلطة عام 2013. وتلقى بوتفليقة العلاج العام الماضي لمدة ثلاثة أشهر في مستشفى "فال دي غراس" العسكري في باريس. وكان أمضى في هذا المستشفى قرابة ثلاثة أسابيع عام 2005 بعد حدوث نزيف معوي. وأقعده المرض على كرسي متحرك كما سبب له صعوبة في الكلام، إلا أن ذلك لم يمنعه من الترشح لولاية رابعة والفوز في نيسان (أبريل) الماضي بها من دون تنشيط أي تجمع انتخابي. وتعد المعارضة أن ترشحه غير دستوري لأنه غير مؤهل من الناحية الصحية، خصوصاً أن رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحيات واسعة تتطلب مجهوداً كبيراً للقيام بها. واعتبر مناصرو بوتفليقة أن الحديث عن عدم أهليته للترشح باسم الدستور، يعدّ انقلاباً صحياً على الشرعية، إذ تنص المادة 88 من الدستور الجزائري أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوري وجوباً، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع". واعتبر رئيس الحكومة الأسبق مولودج حمروش الذي ترشح ضد بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية عام 1999 أن هذه المادة لا وجود لها من الناحية التقنية والسياسية والأيديولوجية لأن الدستور لا يوفر وسائل تطبيقها. أما الخبير القانوني والقاضي السابق عبد الله هبول فأكد أن "الدستور يتضمن ثغرة متعمدة تتعلق بعدم تحديد السلطة التي يعود لها الحق في إخطار المجلس الدستوري كي يلتئم ويلاحظ استحالة ممارسة الرئيس مهامه بسبب مانع والمادة الدستورية محل الجدل لا تعطي للمجلس الدستوري حق الإخطار الذاتي في هذه القضية". وأضاف في تصريح لصحيفة "الخبر" المحلية أن "صياغة المادة 88 تشبه من بنى غرفة ولم يضع لها لا أبواباً ولا نوافذ بمعنى يستحيل الدخول إليها وبالمحصلة هي مستحيلة التطبيق إذا تم التقيد بحرفية النص". وذهبت الخبيرة في الدستور الجزائري فتيحة بن عبو في نفس الاتجاه، مؤكدةً أن "المادة 88 مغلقة بحدود قانونية"، وفق ما نقلت عنها صحيفة محلية. وأشارت بن عبو إلى أن "رئيس الجمهورية يعين ثلاثة أعضاء بمن فيهم رئيس المجلس من الموالين له من بين التسعة الذين يتشكل منهم المجلس الدستوري". ويستحيل في هذه الحالة الوصول إلى إجماع حول قرار المجلس الذي لا يمكن إخطاره إلا من رئيس الجمهورية أو رئيسي إحدى غرفتي البرلمان وكلاهما من المقربين من بوتفليقة". وبالنسبة لرئيس حزب "جيل جديد" المعارض سفيان جيلالي إن "رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي موظف لا يتمتع بالإستقلالية التي تسمح له بتطبيق هذه المادة". ولم يظهر بوتفليقة منذ إعادة انتخابه إلا نادراً، كما لم يجر أي زيارة رسمية للخارج سوى من أجل العلاج، ما أثار الإشاعات حول تدهور وضعه الصحي وقدرته على تسيير البلاد. وكان التلفزيون بث أمس الأحد صوراً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة أثناء استقباله سفراء فلسطين والسودان ومالي وهولاندا، وذلك بعد 24 ساعة من عودته من رحلة علاج في فرنسا لم يعلن عنها في شكل رسمي. وينتظر أن يستقبل خلال هذا الأسبوع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقوم بزيارة للجزائر الأربعاء والخميس المقبل. إلى ذلك التقى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بوتفليقة الأسبوع الماضي وأكد أنه "يتمتع بكامل قواه الذهنية على رغم الصعوبة التي يواجهها في النطق".