إذا كان ثمة فروع من «القاعدة» تم القضاء عليها قضاء مبرماً، مثل فرع «جزيرة العرب» في السعودية، وأخرى انضمت وانتظمت في تنظيم آخر مثل فرع «بلاد الرافدين»، فإن ثمة فروعاً أخرى لها يصح أن يقال إنها «تهيم على وجهها»، لا ترسو على بر، ولا يستطيع المتابع أن يطلق عليها حكماً مبرماً، سواء في الأسس الفكرية أم في الاستراتيجيات الميدانية. من تلك الفروع، فرع القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي تعدّ الجزائر مكانه الأول والأساس له منذ بداية التسعينات، وقبل اتحاد «القاعدة» مع «الجهاد العالمي، واعتمدت الاستراتيجية القديمة ل«القاعدة الأم» على إرسال جميع من ينتمي إلى بلاد المغرب العربي في أفغانستان إلى هذا الفرع، بأن يعود كل منهم إلى بلاده، داعماً ل«قاعدة خراسان»، داعياً في أرضه إلى مبادئها. بيد أن أولئك الذين أرسلهم ابن لادن عائدين من أفغانستان إلى بلاد المغرب، وأولئك الآخرين الذين رجعوا إلى الجزائر، كلهم وجدوا في انتظارهم في قيادة الفرع (الذي كان اسمه «الجماعة الإسلامية المسلحة» بقيادة عنتر زوابري) أناساً غرباء عنهم وعن مبادئهم، وأنكروا عليهم سياستهم وتعاملهم، وقالوا إن قيادة هذا الفرع متعسفة وعندها غلو في التكفير، فهذا الفرع يكفر عموم الجزائريين، وهو عنصري للجزائريين فقط، ولا يرضى بانضمام غيرهم إليه، الأمر الذي رفضه العائدون من أفغانستان، لكونه مخالفاً لمبدأ «قاعدة ابن لادن»، فلم يتحلقوا حول التنظيم في الجزائر، وعدوه فرعاً مضطرباً غير مستقيم المنهج، فعادوا إلى أفغانستان وتركوه. ولم تخلُ القاعدة الأم (خراسان) هي الأخرى من معاناة مع الخلافات والتشرذم، سواء في قياداتها أم في كتائبها، فعلى مستوى القيادات انشق رموز عدة من «قاعدة الظواهري» عنه، معلنين انضمامهم إلى البغدادي، وانتقلوا إلى دولته «مهاجرين» مبايعين، ومن بين هؤلاء أبوحامد البرقاوي وأنس النشوان، اللذين أصبح يطلق عليهما اسم «المهاجرَين الفارّين بدينهما»، فيما أعلنت «كتيبة التوحيد» التابعة للظواهري انشقاقها وانضمامها أخيراً إلى بيعة «الدولة الإسلامية». أقرب القول وسط هذه الانشقاقات والخلافات والتقلبات المنهجية وتناحر ميليشيات الفروع والتخلي عن «القاعدة الأم»، أن الأخيرة نجحت في بذر فتات إمبراطورية، ما لبثت أن تشظت وأكل بعضها بعضاً، ليفقد ناثر البذور القدرة على رعايتها. «القاعدة المغاربية»... تشظٍّ واحتراب وتخوين وصراع على المناطق بعد رجوع المقاتلين المغاربة إلى أفغانستان مرة أخرى، لرفضهم مبادئ فرع المغرب (الجزائري) الذي لم يكن انتسب بعدُ إلى «القاعدة»، بات ما ظل يعد قيادة فرع تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي مستقلاً بقيادة كاملة، وله استراتيجيات خاصة، تختلف عن استراتيجيات أسامة بن لادن، ولا تعترف بها، وبعد عام 2007 ودخول «الجهاديين» الجزائريين تحت اسم «القاعدة» افتتح تنظيمهم بقيادة أبومصعب عبدالودود فروعاً له في الصحراء الأزوادية شمال مالي، بقيادة أبوزيد وبلعور وأبوعلقمة، وانضم إليهم حمادة ولد خيرو وآخرون، وتحالفوا في بداية الأمر ضد الفرنسيين جزئياً، ثم اختلفوا بعد ذلك وتفرقت كلمتهم. تحولات متسارعة يعد ما حصل في مالي نموذجاً مصغّراً لما يعصف ب«القاعدة الأم» و«فروعها المضطربة» من تحولات، وعندما تحول إياد أق غالي إلى تبني فكر «القاعدة» وبدأ العمل باسم حركة «أنصار الدين»، باعتباره حليفاً للتنظيم، زحف بقواته على الجنوب المالي، فشنت فرنسا وحلفاؤها من الدول الأفريقية الحرب على «القاعدة» في شمال مالي. وفي هذه اللحظة، وعلى وقع الضربات الفرنسية الموجعة، تدخل تنظيم قاعدة المغرب لمناصرة «أزواد»، مع تأكيده في الوقت نفسه أنه هو التنظيم الرسمي في المنطقة، نظراً إلى دخوله في مناطق نفوذ «قاعدة المغرب» (الجزائر). وفي البداية قاتل الجميع معاً، لكن كلّ تحت رايته، مع التنسيق المتبادل في العمليات، ثم حصلت خلافات منهجية بينهم، وقتل أبوزيد وأبوعلقمة، وبقيت الساحة الأزوادية مشاعة بين بلعور وأبوالهمام، الذين لا يدرى ما سيكون من أمرهما بعد، وإن كان أبوالهمام أقرب إلى «انصار الدين» (طالبان أزواد)، التابعة لإياد غالي، التي، هي الأخرى، انشق عنها آخرون، وشكلوا ما عُرف باسم «المجلس الأعلى» فراراً من وصمة «طالبان والقاعدة»، وربما تراجعاً عنها. بيد أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ أشيع أخيراً أن منشقين من قبائل عربية متفرقة اختاروا الانضمام ل«داعش»، وتردد أخيراً أن لهم دوراً في قطع رؤوس بعض أبناء القبائل في الصحراء بتهمة التجسس، الأمر الذي تبرأت منه «قاعدة أزواد»، ولم يصدر عن «داعش» (ربما لعدم وجودها في المنطقة) أي توضيح عنه، في حين دخلت بعض القوى الثورية الوطنية الأزوادية (غير إسلامية) على الخط للبحث عن قاطعي الرؤوس، زاعمةً ضلوع الحكومة مالي الرسمية في جرائم قطع الرؤوس، وأنها تحاول إلصاقها ب«القاعدة» من أجل بث الخوف وزعزعة الأمن في المناطق التي تطالب بالاستقلال، أو الحصول على الحكم الذاتي في مالي. الانتماء غير المركزي يتبنى فرع «قاعدة الجهاد في المغرب» فكرة أنه له الحق في نشر سيادته على جميع فروع «القاعدة» في المغرب الإسلامي، وأن على «القاعدة الأم» أن تترك لهم التصرف فيه من دون مركزية ولا تدخل في المنهج ولا الاستراتيجيات، إلا عند طلب العون أو المشورة أو من أجل بذل النصيحة. بيد أن «فرع الجزائر» لم يستطع أن يلزم فروع «القاعدة» الأخرى في الميدان بما يريد، إذ نشأ على سبيل المثال في تونس فرع سمى نفسه «قاعدة القيروان»، وثمة فروع أخرى للقاعدة يفترض أنها تابعة لفرع المغرب (الجزائري) لكنها مستقلة عنه، مثل فرع القاعدة في نيجيريا (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد) المسمى «بوكو حرام»، و«أنصار الشريعة في سيناء»، و«أنصار الشريعة» في ليبيا، وهي فروع يفترض أنها تابعة للقاعدة في المغرب، لكنهم جميعاً مستقلون ومنتمون ل«القاعدة الأم»، وقاداتهم جميعاً ينتمون مباشرة إلى «قاعدة أسامة بن لادن». إلى ذلك، فإن هذه الفروع في غرب أفريقيا، الرافضة للتبعية ل«قاعدة المغرب»، دخل بعضهم في بيعة «الدولة الإسلامية» أخيراً، وبايعوا أبوبكر البغدادي «خليفة للمسلمين»، فيما يتخذ آخرون موقف الحياد تجاه نزاع الفريقين، وحتى في الجزائر نفسها انشق أخيراً فصيل سمى نفسه «جند الخلافة»، وأعلن بيعته للبغدادي، و«أنصار الشريعة» الليبي مبايعون لتنظيم «داعش»، وفرع تونس «قاعدة القيروان» متوقفون في مسألة القتال بين النصرة و«الدولة الإسلامية»، لكن إحدى كتائبهم بايعت أخيراً «داعش»، واسمها كتيبة عقبة بن نافع لكنهم مناصرون ل«داعش»، طبقاً لما يرون أنه وصية أسامة بن لادن بالوقوف معها ومبايعتها، لكن يقولون عن «النصرة» (قاعدة الشام)، و«القاعدة» (الأم) أنهم إخوان في المنهج. في حين أن «داعش» ينكر هذا أشد الإنكار، لأنه تعتقد أن «النصرة» بعد قتالهم له ليسوا إخواناً في المنهج، وهذه نقطة جوهرية يخالف فيها تنظيم «الدولة الإسلامية» جميع فروع القاعدة سواء المحايدة بينه وبين «النصرة» حياداً تاماً، أم المحايدة بينهما مع ميلها إلى مناصرة «داعش». خلافات جناحي طالبان الشرقي والغربي لم تخلُ «القاعدة الأم» (خراسان) من معاناة مع الخلافات والتشرذم، سواءً في قياداتها أم في كتائبها، فعلى مستوى القيادات انشق بعض رموز «قاعدة الظواهري» عنه، معلنين انضمامهم إلى البغدادي، وانتقلوا إلى دولته «مهاجرين» مبايعين، ومن بين هؤلاء أبوحامد البرقاوي، وأنس النشوان، اللذين أصبحا يطلق عليهما اسم «المهاجرَين الفارّين بدينهما»، فيما أعلنت «كتيبة التوحيد» التابعة للظواهري انشقاقها وانضمامها أخيراً إلى بيعة «الدولة الإسلامية». وحصل الأمر نفسه من التشرذم والانشقاق داخل جناحي «طالبان» الشرقي والغربي، إذ بايعت قيادات في «طالبان باكستان» البغدادي أميراً للمؤمنين أخيراً، متذرعة بالخلافات بينها وبين «قاعدة الظواهري» و«طالبان أفغانستان». وتعتقد «طالبان باكستان» أنها هي المتمسكة تمسكاً حقيقياً بمنهج «قاعدة الشيخ أسامة» من عدم الاعتراف بالحدود ولا الحكومات ولا الأممالمتحدة، وبقية مبادئ القاعدة الفكرية، من السعي إلى الجهاد لتوحيد البلاد الإسلامية وطرد الغرب منها. إلا أن الانقسام الأخير بين جناحي «طالبان» لم يكن قادماً من أجل هذا الخلاف الفكري الذي تم تحييده بين الفريقين فترة من الزمن. وكان السبب الحقيقي للانفصال السيامي الأخير جاء بعد قتال «طالبان الباكستانية» للجيش الباكستاني، الأمر الذي انتقدته «طالبان أفغانستان»، بيد أن «طالبان باكستان» تذرعت بأنها بدأت قتال الجيش الباكستاني بعد المجازر التي ارتكبها الجيش في وزيرستان، وعلى إثر ذلك قررت قتاله، واستقرت على هذا المبدأ. تغيرات «طالبان أفغانستان» تتهم «طالبان باكستان» - خصوصاً بعد إعلانها بيعة البغدادي - «طالبان أفغانستان» بأنها تتواصل مع الحكومات التي يخوّنها «المجاهدون» ويتهمونها بالعمالة والعمل الاستخباري مع الدول الغربية ضد «الجهاد»، ويضربون لذلك المثال بتعامل طالبان مع قطر، وهو ما اعترضت عليه «طالبان باكستان» قديماً، كما تنقم عليها تواصلها مع الأممالمتحدة، ومع حكومة باكستان وتنسيقها معهم، لأن باكستان هي الوسيط بينهم وبين كرزاي. إلا أن الملا عمر قطع في الأخير كل الشكوك حول مسائل المنهج، عندما تحدث بما يقتضي التزامه بحدود «سايكس بيكو»، التي يضلل «صقور القاعدة» من يعترف بها، وإقراره بأنه محتفظ بحدود بلاد أفغانستان، وأنه سيقيم فيه دولة تستوعب كل الطوائف والأجناس، على أن تكون دولة إسلامية يطبق فيها شرع الله، مشدداً على أنهم لا يريدون الإضرار بأي مسلم، وهذا في تهنئة الملا عمر بدخول رمضان الماضي. فكانت هذه التصريحات من «طالبان أفغانستان» في نظر خصومها، قاطعة للشك في تحولها عن المنهج الجهادي. قاعدة اليمن... الحياد الجانح لا يتردد فرع القاعدة في اليمن، الذي ورث فرع جزيرة العرب بعد القضاء على «القاعدة» في السعودية، في إعلان توقفه إزاء الخلاف بين «النصرة» و«داعش»، وبين البغدادي والظواهري، ويصفون «النصرة» بأنهم إخوان في المنهج، على رغم أن «داعش» أنكرت عليهم ذلك. إلا أن ذلك لم يؤثر في التنسيق المتبادل بين «الدولة» و«قاعدة اليمن»، فهناك تنسيق، باعتراف قادات البغدادي، مع «أنصار الشريعة في اليمن»، وهو اللقب الذي تحولوا إليه منذ مقتل العولقي، وأصبحوا مستقلين تماماً من ناحية التنسيق والاستراتيجيات وطريقة العمل، لكن الفكر يكاد يكون مستقلاً تماماً عن «القاعدة الأم» التابع للظواهري، والمسمى أيضاً ب«قاعدة خراسان»، لأنهم على سبيل المثال يتفقون مع البغدادي في تكفير عموم الشيعة، خلافاً لموقفه من الظواهري وموقف الظواهري منه، فهم يعلنون أنهم متوقفون حيال ذلك، ولذا لم يبايعوا «داعش» ولم يناصروه، لكنهم ضد الظواهري في مسألة تكفير عموم الشيعة، ومنهجهم أنهم كفار أصليون، كما أنهم أعلنوا بصراحة، أخيراً، وقوفهم مع البغدادي ضد «التحالف» وتبرئة دولته من مذهب «الخوارج»، وهو الأمر الذي أصاب «قاعدة الظواهري والجولاني» بصدمة لم تفق منها حتى الآن إلا بردود أفعال تحذيرية واستنكارية. مناهضو الظواهري من إندونيسيا إلى الجزائر أجنحة «القاعدة» تشلّ «رأسها».. وتحلّق به إلى البغدادي في صبيحة كل يوم، يستيقظ الظواهري وهو على رأس قاعدة «خراسان»، كما يستيقظ أي حاكم يتوقع أن يجد فصيلاً من فصائل جيشه وقد انحاز إلى العدو، متوجساً من خبر يجيئه عن انشقاق أحد فروع «القاعدة»، وانضمامه إلى «داعش»، فأغصان «شجرة القاعدة» تتقصف، وتهوي زاحفة إلى جذع «سدرة المنتهى البغدادية». يلقي الظواهري نظرة ممتدة على خريطة عالمه متأملاً بتخوف ألوان الطيف التي انقسمت إليها «القاعدة» تجاه «داعش»، فالقسم الأول: فروع للقاعدة مبايعون للبغدادي، مثل بعض قادة «طالبان باكستان»، وكتيبة التوحيد من «قاعدة خراسان» (الأم)، وشيشانيو جيش «المهاجرين والأنصار» المنشقين عن «قاعدة القوقاز»، وفرع إندونيسيا، وفرع الفيليبين، و«أنصار دولة الاسلام بيت المقدس» في فلسطين، و«أنصار الشريعة» في ليبيا (سبقت إلى البيعة منهم كتيبة البتار، ثم بايع الباقون)، وبعض من أفراد فرع «القاعدة» في أزواد (من الموريتانيين)، وكتيبة عقبة بن نافع من «قاعدة القيروان»، و«النصرة» في البوكمال السورية، وبعض رجال «النصرة» في حمص، بعد الضربات العسكرية الأخيرة (بداية تشرين الأول) التي أوقعت بعض القتلى منهم. القسم الثاني: مناصرون ل«داعش» لكنهم غير مبايعين، مثل: فرع القيروان (بايعت كتيبة عقبة بن نافع منه أخيراً لداعش)، وبعض القادات في «أنصار شريعة اليمن»، وبعض القادات في «أفغانستان»و«الجزائر»و«تركمانستان» وانصار بيت المقدس (سيناء). القسم الثالث: هم متوقفون يعتبرون الفريقين «داعش والنصرة» إخوة لهم مثل عموم فرع «أنصار الشريعة» في اليمن، وبعض القادات في فرع «القيروان» (تونس)، وقادات في فرع «أزواد»، ومعظم منظري «القاعدة» غير المصريين. أما القسم الرابع: فهم مناوئون ل«داعش»، ومحرضون على قتاله، بسبب غلوه في التكفير وقتاله «المجاهدين»، وخروجه من تحت سيطرة الظواهري، وهذه مثالها فرع «القاعدة» في القوقاز (الشيشان وداغستان) الذي انتقل من الحياد إلى الوقوف مع الظواهري، بعد مقتل دوكو عمروف، وتسلُّم أبي محمد الداغستاني الفرع بعده، وكان له دور إعلامي ودعوي في التحريض على «داعش» ووصف الشرعيين فيها بالضلال، كما يمكن أن يضم إلى المحرضين على قتال «داعش» فرع المغرب الإسلامي الأم (الجزائر) باستقراء ردود الأفعال تجاه «البغدادي. وبالطبع فإن العدو الرئيس ل«الدولة الإسلامية» (إلى جانب «النصرة» وحلف «مجلس شورى مجاهدي الشرقية في سورية) هو «قاعدة خراسان»، التي تعد المرجع الرئيس التقليدي ل«القاعدة»، والتابع لأيمن الظواهري، ويُلحق به، تبعاً له، جميع قادات «القاعدة» المصريين في قَطر، الذين يمكن تسميتهم مجازاً ب«تنظيم الجهاد العالمي سابقاً»، ويضاف إليهم أبو محمد المقدسي في الأردن، وأبو قتادة الفلسطيني، وهاني السباعي وطارق عبدالحليم في أوروبا وكندا، فجميع هؤلاء مؤيدون للظواهري و«النصرة» تبعاً له قلباً وقالباً. ومع هذا الموقف للقادة في «القاعدة الأم» (خراسان) من «داعش»، فإن بعض قادة الظواهري رفضوا هذا الأمر، وانضموا إلى البغدادي، مثل أبي حامد البرقاوي (أردني) وأنس النشوان (سعودي)، اللذين هربا إلى أراضي «الدولة الإسلامية»، كما أن إحدى كتائب «القاعدة» في خراسان انضمت أخيراً إلى بيعة البغدادي، وهي «كتيبة التوحيد» في خراسان. فروق مفصلية بيد أن ثمة فروقاً مفصلية مهمة يرصدها المتابع، من بينها أن جميع المتوقفين في هذا الخلاف، وكذا المناصرين ل«داعش» - من غير المبايعين للبغدادي - ليس منهم من أنكر على «النصرة» انفصالها عن «دولة العراق»، ولا يرون أن للبغدادي بيعة في عنق أبومحمد الجولاني، لأنهم لو كان لهم هذا الرأي لألزمهم ذلك بالوقوف في وجه الجولاني مع من يرون له بيعة لازمة عليه. كما أنهم لم ينكروا على الجولاني ما اتهمه به البغدادي من اغتيال القادة العراقيين في «النصرة»، ولا مسألة قتل الجولاني بتأييد من «مجلس شورى مجاهدي الشرقية» (مشمش) لأكثر من 500 من عناصر «داعش». ومع ذلك لا تزال جميع الأطياف التابعة ل«القاعدة» التي تناصر «داعش» أو تقف منها موقف الحياد، على رغم اختلافها عن موقف الظواهري، ترى اعتزال القتال بين «داعش» و«النصرة»، وترك الخوض في خلافه مع «الظواهري». في الوقت نفسه، يتضح أن موقف فروع القاعدة جميعاً غير مطابق لموقف «القاعدة الأم» (خراسان) ما عدا المصريين ومنظريهم وأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني، ومنظرين آخرين لا يعدون من صميم «القاعدة» مثل هاني السباعي وعمر الحدوشي وإياد قنيبي وغيرهم. وكان موقف غالبية هؤلاء المنظرين اتجه إلى العداء السافر ل«داعش» بعد مؤتمر جنيف، واتهامه بقتل مبعوث الظواهري أبوخالد السوري، واشتراك جبهة «النصرة» غرف عمليات مع «الائتلاف الوطني» وحركة «حزم»، التي كان الجولاني ومن معه يكفرونهما ويكفرهما كل من ينتمي إلى «القاعدة» أصلاً. لمشاهدة صفحة «تحقيقات» عن «القاعدة» بصيغة ال (PDF). شجرة «الجهاديين» تطرح ثمارها في أرجاء العالم («القاعدة» تنجب قَتَلَتَها.. وتصنع «سايكس بيكو» ذاتياً) الفروع المضطربة تهيم على وجوهها («إمبراطورية الفتات»... ميليشيات «متناحرة» وتقلّب في المناهج)