ما إن أوقعت قرعة الملحق العالمي لمونديال 2014 نيوزيلندا في مواجهة مع المكسيك حتى قال جمهور الجزيرة الهادئة: «ليتهم واجهونا في لعبة الركبي.. حينها سيندمون»، لكن المسألة تتعلق بكرة القدم، فانهزموا في مباراة الفصل الأولى بخماسية، وقبلوا بالأمر الواقع لأن المكسيك أمة كرة بامتياز.. والسيناريو نفسه تكرر مع نشامى الأردن الذين حاولوا الوقوف بندية أمام الإعصار الأورغوياني لكن من دون جدوى، فرفاق كافاني يعرفون أن المونديال الذي لا يمكن لهم أن يتصوروا أنفسهم خارجه هو مونديال الجارة البرازيل، لأن الحكمة في ذلك تعود إلى العام 1950 حين أبكى كبار الأورغواي آنذاك سحرة السامبا على أرضهم، وأمام الملايين الذين لم يصدقوا أن كأس العالم أفلتت منهم، وذهبت إلى الجار الصغير جداً جداً، مساحة وشعبًا، لكنه الكبير بمواهبه الكروية التي تقول في كل مونديال كلمتها عالية وتذهب.. لا لوم على نشامى الأردن، ومن حق الشعب الأردني أن يفتخر بلاعبيه الذين قاوموا طويلاً برجولة، لكن المنطق يعرف سبيله.. فمجرد بلوغ هذا الدور هو بمثابة إنجاز تاريخي، أي أن رفاق الصيفي ومرجان نجحوا في أن يكونوا بين الأربعين منتخباً المبشرين بالمونديال، لكن فارق التجربة والاحترافية يكون الفيصل في المواجهة.. لهذا لم يكن رد فعل الجمهور قاسياً إزاء النشامى، بل شجعهم وأثنى على أدائهم،على رغم النتيجة القاسية.. بعكس ما تعرض له الفراعنة من نقد جارح من جمهور مصر الذي لم تؤثر فيه سداسية غانا القاتلة، قدر شعوره بأن كرامة مصر تعرضت للتشويه. فتاريخ مصر مع الكرة الأفريقية ونيل الألقاب كبيرٌ جداً، ولم يحدث أن تعرض الفراعنة لانتكاسة بهذا الحجم، ولعل هذا هو الذي جعل أسامواه يقول: «مصر ستسعى إلى الثأر لتاريخها»، وهو ما ينتظره الجميع، على رغم أن تسجيل خمسة أهداف نظيفة يقتضي خروج توت عنخ أمون من تابوته لعل وعسى.. إنما الممكن موجودٌ دائماً، إذا كانت الإرادة معززة بإيمان قوي بالنصر. المفارقة في لعب مباريات الفصل الأخير من تأهيليات المونديال، هي أن جمهور الكبار بدأ يراهن على المرشح للفوز بالكأس، بينما يغرق جمهور الصف الثاني في سؤال من الأَولى بحضور مونديال البرازيل، ريبيري أم يارمولينكو؟ رونالدو أم إبراهيموفيتش؟ لأنهم لم ينجحوا في امتحان الفصل الأول وأعطوا فرصة للإنقاذ، وبالتالي فمباريات الملحق الأوروبي لا يمكن لها إلا أن تكون مباريات كسر عظام، والخارج منتصراً منها بطلٌ همام.. صحيحٌ أن المونديال الذي لا يشاهد فيه العالم ميسي ورونالدو وإبراهيموفيتش ونيمار وروني وريبيري وبيرلو وهازار وإنييستا، وغيرهم من نجوم الدرجة الأولى ممن يصنعون الفرجة والفارق، هو مونديال فاشل ولا يستقطب جمهوراً، ولهذا فإن الرغبة في رفع عدد المنتخبات إلى أربعين مستقبلاً، من شأنها أن تمنح فرصة إضافية للاعبين مميزين، قد لا يسعفهم الحظ في الملاحق الفاصلة، وبينها وبين المونديال مجرد فاصلة.. [email protected]