تظهر أرقام دائرة شؤون المفاوضات التي يرأسها رئيس الوفد المفاوض الدكتور صائب عريقات أن إسرائيل سرّعت وتيرة البناء الاستيطاني أثناء الأشهر الثلاثة الماضية من المفاوضات، ما دفع الوفد الفلسطيني المفاوض الى تقديم استقالته. وفيما يتوقع بعضهم ان يعدل عريقات عن استقالته، فإن العضو الثاني في الوفد الدكتور محمد أشتيه أكد أنه مصمم على الاستقالة من دون تردد. وبيّنت الأرقام التي جمعتها الدائرة من إعلانات البناء الإسرائيلية الرسمية أن السلطات الإسرائيلية صادقت منذ استئناف المفاوضات في 29 تموز (يوليو) الماضي على بناء 6296 وحدة استيطانية. ويقول العاملون في الدائرة ان هذا العدد أعلى من العدد الإجمالي للوحدات الاستيطانية الذي تم المصادقة عليه خلال الأشهر الخمسة الماضية قبل استئناف المفاوضات، وهو 5577 وحدة. وأعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلية قبل أيام مخططات لإقامة 20 ألف وحدة سكنية في وسط الضفة الغربية، لكن الإدارة الأميركية سارعت الى التدخل بهدف منع حدوث انفجار في المفاوضات الجارية برعايتها، وحملت رئيس الوزراء على بنيامين نتانياهو على تجميدها. وقدم الوفد الفلسطيني المفاوض استقالته الى الرئيس محمود عباس في الخامس من الشهر الجاري احتجاجاً على زيادة البناء في المستوطنات وعدم حدوث اي تقدم في المفاوضات. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاعتراضات الفلسطينية على مواصلة التفاوض في ظل استمرار الاستيطان تتنامى ليس فقط في الشارع، وإنما في أوساط القيادة السياسية نفسها. وتدور نقاشات في المستوى السياسي عن إمكان التوقف عن المفاوضات أو مواصلتها حتى نهاية الأشهر التسعة المتفق عليها والتي تنتهي في نيسان (أبريل) العام المقبل. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» ان بعضهم اقترح على الرئيس عباس الشروع في تقديم طلبات للانضمام إلى المنظمات الدولية أثناء المفاوضات. ويرى بعضهم الآخر ان تقديم اي طلبات الى المنظمات الدولية سيدفع اسرائيل الى وقف اطلاق من تبقى من أسرى ما قبل اتفاق اوسلو وعددهم أكثر من 50 أسيراً. ويقترح فريق ثالث استكمال التحضيرات اللازمة للانضمام إلى المنظمات الدولية لتقديمها فور انتهاء الأشهر التسعة. وعقد الوفد المفاوض جلسة تفاوض واحدة بعد تقديم استقالته للرئيس عباس. ويقول مقربون من الرئيس ان المفاوضات ستستمر حتى نهاية الفترة المتفق عليها من أجل استكمال تحرير أسرى ما قبل اوسلو الذين مضى عليهم في الأسر بين 20-33 عاماً، ولتجنب التعرض الى ضغط اميركي ودولي في حال الانسحاب قبل نهاية الأشهر التسعة. ويقول عريقات ان استقالة الوفد قيد البحث. لكن بعض المسؤولين يرجو ان يتراجع عريقات عن الاستقالة أمام إصرار الرئيس، وأن يظل على رأس الوفد المفاوض. غير أن الأمر يبدو مختلفاً بالنسبة الى أشتيه الذي لا يخفي تصميمه على الاستقالة. وقالت دائرة شؤون المفاوضات في بيان لها هو الأول عن استقالة الوفد إن الاستقالة «تأتي نتيجة للعديد من السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تقوّض إمكان التوصل إلى حل الدولتين من طريق التفاوض، بما في ذلك النشاط الاستيطاني المتسارع». وأضاف ان دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى «إعادة النظر» في الخطط الأخيرة الهادفة الى بناء 20 ألف وحدة سكنية جديدة «لن تؤدي الى وقف بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية التي صادقت عليها إسرائيل، والتي لا تزال تصادق عليها باستمرار». وقالت الدائرة ان عريقات وأشتيه قدما استقالتهما قبل ايام لأنه «لم يعد باستطاعتهما مواصلة أداء واجباتهما كمفاوضين». وأضافت: «ان الدافع لطلب الاستقالة يعود الى عوامل عدة من بينها تصعيد استيطاني غير مسبوق، وعدوان سافر تمارسه دولة إسرائيل ضد دولة فلسطين وشعبها، اضافة الى ان اسرائيل لا تظهر أي جدية للتوصل الى حل الدولتين، وعدم وفائها بالالتزامات التي تعهدت بها قبل استئناف المفاوضات المباشرة في 29 تموز (يوليو)». لكن المقربين من الرئيس عباس يؤكدون ان الاستقالة لن تؤدي الى ابطال الالتزام الذي قطعته منظمة التحرير الفلسطينية في شأن مواصلة المفاوضات حتى نهاية مدة الأشهر التسعة المتفق عليها مع إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تنتهي في تاريخ 29 (أبريل) عام 2014.