تدخلت الوساطة الأفريقية أمس لإنقاذ مفاوضات الحكومة السودانية ومتمردي «الحركة الشعبية الشمال»، الجارية في أديس أبابا من الانهيار، بعد تمسّك كل طرف بموقفه في شأن تسوية النزاع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المستمر منذ 3 سنوات، وتبادلهما الاتهامات بعرقلة التفاوض. وانتهى اللقاء الحاسم بين وفدي الحكومة وتحالف متمردي «الجبهة الثورية» بقبول الطرفين خريطة طريق طرحها الوسطاء، لإدارة المحادثات. واستبعد الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي «إعلان باريس» الذي وقّعه رئيس حزب الأمة الصادق المهدي مع قادة «الحركة الشعبية» في آب (أغسطس) الماضي، من الاتفاق. كما شكّل الجانبان 3 لجان لمناقشة الملفات السياسية والأمنية والإنسانية. وطرح وفدا الحكومة و»الحركة الشعبية» في وقت سابق أمس، ورقة حوت مواقفهما من القضايا المطروحة للبحث. وتباعدت الورقتان حول حصر التفاوض في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان أو توسيعه ليشمل دارفور والحوار الوطني. وتدخلت الوساطة الأفريقية برئاسة مبيكي لطرح ورقة توفيقية، دعت إلى الاعتراف بالقرار 456 الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي، وبخاصة الاتفاق المبرم مع الوساطة والمتعلّق بالحوار الوطني والعملية الدستورية. واقترحت ورقة مبيكي حصر التفاوض في الجولة الحالية على منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، فضلاً عن ضرورة وقف العنف تمهيداً لعملية إنسانية شاملة. ووافق المتمردون على ورقة مبيكي بينما تحفظت عليها الحكومة عليها، وطالبت بمزيد من الوقت لدراستها. وقالت مصادر قريبة من المحادثات ل»الحياة» أن أعضاء في وفد الحكومة اتهموا الوساطة بالانحياز إلى موقف المتمردين بضغط من المبعوث الرئاسي الأميركي دونالد بوث الذي غادر مقر التفاوض إلى واشنطن. وتمسك الوفد الحكومي بحصر التفاوض حول قضايا المنطقتين من دون التطرق لأي قضايا أخرى، الأمر الذي ترفضه الحركة تماماً. واتهم رئيس وفد «الحركة الشعبية» ياسر عرمان، الحكومة بعدم الجدية في التفاوض. وأضاف أن «الحكومة تعمد، من خلال التفاوض، لشراء الوقت خصوصاً أنها غير مستعدة لتقديم ما يجمع صف السودانيين وينهي أزمات البلاد»، مؤكداً أن وفده «وافق على الورقة التوفيقية التي طرحتها الوساطة الأفريقية، والكرة الآن في ملعب الحكومة». كما اتهم عرمان الجيش السوداني بقصف المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها «الحركة الشعبية» في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وشدد على جاهزية الحركة للسلام، قائلاً: «نحن مستعدون لمواصلة التفاوض بحسب ورقة الوساطة ونريد حلاً شاملاً ونريد مؤتمر حوار دستوري لكل السودانيين ونريد من الحكومة أن توقف إجراءات الانتخابات التي تقوم بها بشكل منفرد، وقيام حكومة انتقالية بمشاركة كل القوى السياسية السودانية». في المقابل، اتهم رئيس وفد الحكومة، مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم غندور «الحركة الشعبية» بمحاولة إقحام قضايا متعلقة بإقليم دارفور واتفاق أديس أبابا، بين الوساطة و «الجبهة الثورية» في شأن الحوار الوطني، لتشتيت جهود التفاوض. كما اتهم غندور «الحركة الشعبية» بالمماطلة، وقال إن عرمان تحدث عن كل شيء ما عدا موضوع المفاوضات وهو إنهاء الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان، مشدداً على أن وفد الحكومة جاء من أجل قضايا هاتين المنطقتين فقط ولن يناقش أي قضايا خارجها.