أبلغت بلدية القدس الإسرائيلية قبل أيام أهالي حي وادي حلوة في بلدة سلوان المقدسية قرارها الشروع قريباً بتنفيذ مشروع مجمع سياحي كبير تبلغ مساحته 16 ألف متر مربع على أراضيهم الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك. ويتألف المجمع السياحي الذي تطلق عليه البلدية اسم «مجمع كدام – عير دافيد» (أي مدينة داود، وهو الاسم التوراتي لبلدة سلوان)، من طبقات عدة مخصصة لاستخدام علماء ودائرة الآثار الإسرائيلية، وقاعات مؤتمرات، وغرف تعليمية، ومواقف لسيارات السياح والمستوطنين، ومساحات للاستخدامات السياحية، ومحلات تجارية، ومكاتب خاصة لجمعية «إلعاد» الاستيطانية. وقال أهالي سلوان إن المشروع الإسرائيلي واحد من أخطر مشاريع التهويد الجارية في مدينة القدس لأنه يقام على مدخل البلدة ويحاصر المسجد الأقصى من ناحية الجنوب. وأوضح عضو لجنة وادي حلوة في سلوان أحمد قراعين: «مجمع كدام مقام على مدخل البلدة، وملاصق لسور المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية، ومطل على المسجد، ويفصل بين سلوان والمسجد». وأضاف: «المخطط الإسرائيلي يهدف إلى تغيير الطابع الإسلامي العربي لبلدة سلوان، فالموقع سيظهر كأنه مستوطنة مطلة على قبة الأقصى. واضح أن المشروع يهدف إلى إلغاء الأصيل في المنطقة». وتقوم إسرائيل بحملة واسعة لتغيير معالم القدسالشرقيةالمحتلة من عربية إلى إسرائيلية شملت الاستيلاء على مبان وعقارات في أحياء المدينة، خصوصاً البلدة القديمة التي تضم الأماكن الدينية مثل الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى. ومن أبرز مشاريع تغيير معالم البلدية مشروع 2020 الرامي إلى جعل اليهود غالبية على الفلسطينيين في القدس التي تعتبرها إسرائيل عاصمتها الأبدية. ويبلغ عدد السكان العرب في القدسالشرقية اليوم 280 ألفاً فيما يبلغ عدد اليهود 200 ألف. وأعلنت إسرائيل في العامين الماضييْن سلسلة مشاريع بناء استيطانية في القدس ضمت أكثر من خمسة آلاف وحدة سكنية مخصصة لليهود، وفرضت المزيد من القيود على حركة البناء العربية في المدينة ومحيطها. وبدأت السلطات الاسرائيلية بالتحضير لهذا المشروع قبل أكثر من عشر سنوات عندما استولت على الأرض وهدمت ما عليها من بناء وأحالتها إلى جمعية استيطانية تسمى «العاد»، وهي واحدة من الجمعيات الضخمة الناشطة في القدس والتي تعمل على جمع أموال من يهود العالم وتحويلها إلى حقائق استيطانية في المدينة لتغيير معالمها من عربية إلى يهودية. وقال قراعين: «قامت جمعية العاد الاستيطانية منذ عام 2003 بأعمال حفر متواصلة في منطقة المشروع التي تسمى ساحة باب المغاربة، وهدمت مقبرة إٍسلامية عمرها أكثر من ألف سنة، ودمرت آثاراً بيزنطية ورومانية من غرف وأعمدة وأقواس، وأبقت على عدد قليل منها تدعي أنها آثار الهيكل الثاني». وقال إن جزءاً من المبنى مصمم لعرض الآثار التي يعتبرونها يهودية. ووزعت بلدة القدس منشورات في حي وادي حولة أعلنت فيها عزمها الشروع قريباً بإقامة المشروع الذي يحمل الرقم الهندسي الهيكلي «13542». وجاء في المنشورات أن المشروع يهدف إلى إقامة مبنى سياحي لغرض «التنمية وكشف موقع أثري، والمحافظة عليه وتطويره». وقالت البلدية في منشوراتها إن حق الاعتراض متاح للسكان في غضون 60 يوماً، وأن «الاعتراض لن يقبل ولن يتم النظر إليه إلا إذا قدم خطياً مع بيان الأسباب مرفقة بتصريح يؤكد صحة الوقائع تستند إليها وفق قوانين البناء والتنظيم». ولا يعوّل أهالي سلوان على الاعتراض الذي يعتبرونه إجراء شكلياً وتعجيزياً في آن، لكنهم سيلجأون إليه. وبلدة سلوان الواقعة إلى جنوب المسجد الأقصى واحدة من أهم أحياء القدس التي تتعرض إلى التهويد. ومن أبرز مشاريع التهويد مشروع إقامة حديقة توراتية تسمى «حديقة داود» في موقع حي البستان في البلدة الذي صدر قرار بهدم جميع بيوته البالغ عددها 88 بيتاً يقطنها 1500 فلسطيني. وأقامت السلطات الإسرائيلية شبكة من الأنفاق ممتدة من عين سلوان حتى حائط البراق تمهيداً لإقامة المشروع. وقال قراعين إن ثمانية منازل ملاصقة لموقع المشروع مهددة بالهدم، وإن المجمع سيحجب أشعة الشمس والهواء عن سكان وادي حلوة، وسيحول دون تمكنهم من رؤية إطلالة قبة المسجد الأقصى. ودعت لجنة حي وادي حلوة السلطة الفلسطينية باعتبارها عضواً كامل العضوية في «منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو)، إلى «العمل الفعلي والسريع للحيلولة دون تنفيذ مشروع كدام التهويدي، خصوصاً أن القوانين الدولية تمنع تغيير المعالم الأثرية والتاريخية في الدولة المحتلة». وأضافت في بيان لها إن المشروع يعتبر مناقضاً لقوانين البناء الإسرائيلية لأنه سيكون أعلى من أسوار القدس القديمة بنحو 20 متراً هوائياً. على صلة، قدّرت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن عدد مناقصات الوحدات الاستيطانية التي أصدرتها حكومة بنيامين نتنياهو منذ تشكيلها في الثامن من آذار (مارس) الماضي، يبلغ 3472 وحدة استيطانية، ودفعت مخططات لبناء ما لا يقل عن 8943 وحدة استيطانية جديدة، وذلك وفق رصدٍ قامت به الحركة، معتبرة أن هذه الحقائق تثير مجدداً السؤال الجدي عن نيات نتانياهو وأهدافه في ما يتعلق بالسلام والمفاوضات وحل الدولتين.