بدأ الاتحاد الأوروبي يعدّ في الآونة الأخيرة لرعاية مؤتمر حوار سوداني، تشارك فيه إلى جانب حكومة الرئيس عمر البشير، المعارضة السياسية والمسلحة في «الجبهة الثورية». ويُتوقَع أن تستضيف مدينة هايدلبرغ الألمانية المؤتمر الرامي إلى تسوية سياسية تجنب السودان الانزلاق نحو مزيد من الفوضى. وعلمت «الحياة» أن مسؤولين أوروبيين حصلوا على موافقة مبدئية من الخرطوم وقوى في المعارضة السودانية، لرعاية مؤتمر الحوار. وتعهدوا بتهيئة المناخ الملائم لإنجاحه من دون أي تدخل خارجي لفرض الحلول، إفساحاً في المجال أمام السودانيين لحل مشاكلهم بطريقتهم. وأكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم أبدى تحفظات على عقد المؤتمر خوفاً من فرض حلول عليه يمكن أن تقود إلى «تفكيك سلس» لنظام الحكم في البلاد، لكنه حصل على تطمينات أوروبية بعدم ممارسة ضغوط على الفرقاء السودانيين لتبني «وصفة جاهزة». وأضافت المصادر ذاتها أن مسؤولين أوروبيين طرحوا الفكرة على قيادات في تحالف متمردي «الجبهة الثورية» الذي يضم «الحركة الشعبية –الشمال» والحركات المسلحة الرئيسية في دارفور خلال زيارة سابقة للقيادات. وستُستكمل المحادثات في هذا الشأن خلال جولة زعماء التمرد الحالية التي تشمل فرنسا وألمانيا وبلجيكا. وكشفت المصادر عن اتفاق في الرأي بين الأوروبيين والأميركيين بأن عدم التوصل إلى تسوية سياسية بين الفرقاء السودانيين سيضع البلاد أمام سيناريوات خطرة في مقدمها «التفكك والفوضى، أو أن تصبح دولة فاشلة مثل الصومال، تشكل ملاذاً آمناً للجماعات المتطرفة التي من شأنها تهديد الأمن في المنطقة، وزعزعة الاستقرار في دولة جنوب السودان الوليدة». وكانت مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى السودان وجنوب السودان روزاليندا مارسدن تعهدت بتهيئة جو ملائم لحوار «سوداني سوداني»، من أجل سودان موحد يشعر فيه الناس بالمساواة. وأكدت مارسدن استحالة تطبيق أي حل عسكري لأزمات السودان، داعيةً إلى حوار مباشر بين السودانيين. وقللت الخرطوم أمس، من أهمية جولة قيادات تحالف «الجبهة الثورية» في أوروباً. وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله عثمان أنه سيتم تقييم المسألة في حال قابلت قيادات «الجبهة الثورية»، مسؤولين في الدول الأوروبية. وأضاف: «هؤلاء يتجولون طوال الوقت، وهذا لا يهمنا». وكان وفد قادة «الجبهة الثورية»، وصل الخميس الماضي، إلى باريس في بداية جولة أوروبية تشمل بروكسيل وأوسلو وبرلين، ويضم الوفد جبريل إبراهيم، والتوم هجو، وعبدالواحد محمد، وياسر عرمان، ومالك عقار، ومني أركو مناوي. من جهة أخرى، تصاعد الصراع القبلي الدامي في إقليم دارفور (غرب) إذ قُتل 45 شخصاً وأصيب 50 آخرين ونزح الآلاف اثر تجدد الاشتباكات بين قبيلتي السلامات والمسيرية منذ ثلاثة أيام، في محافظتي مكجر وبندسي في ولاية وسط دارفور. وقال نائب منطقة أم دخن في البرلمان مجكر عباس عبد الله حسن أن مناطق سارو وأو طاقية شهدت معارك دامية بين القبيلتين. وناشد الحكومة الاتحادية التدخل بصورة عاجلة لوقف الاقتتال وإرسال قوات إلى المناطق الملتهبة للفصل بين المتنازعين.