هاجم مدير جهاز الأمن والاستخبارات السوداني السابق صلاح عبدالله «قوش» الذي أفرج عنه قبل أيام بعد اعتقال دام سبعة أشهر لاتهامه بتدبير محاولة انقلابية، مجموعات في الحكم قائلاً إنها سعت إلى فتنة بينه وبين الرئيس عمر البشير، وطلب من المواطنين العفو عنه في أي مظلمة وقعت عليهم خلال توليه رئاسة جهاز الأمن. ووصف «قوش» في أول تعليق صريح له منذ اتهامه بالتدبير للإطاحة بنظام البشير، ما حدث له ب «مسرحية سيئة الإخراج مضحكة ومبكية في الوقت ذاته». وانتقد من وصفهم بالمتآمرين الذين لفّقوا التقارير ضده ونقلوها إلى البشير. وقال إن هؤلاء «وقعوا في مستنقع الانحطاط في القيم وذبحوا لحمة الإخاء» بينه وبينهم. ونفى «قوش» الذي استقبله آلاف من أنصاره خلال احتفال جماهيري في مدينة مروي بولاية نهر النيل في شمال البلاد، ما راج عن إطلاقه عبر عملية تسوية، وقال إن مجموعة من قيادات الدولة عرضت عليه عقب إطلاق العسكريين المتهمين في المحاولة الانقلابية بإطلاقه عبر عفو رئاسي بعد كتابة «استرحام» إلى الرئاسة. وتابع: «رفضت طلبهم كما رفضت كتابة استرحام». وحمل في شدة على زملائه السابقين في السلطة وقال إن أمرهم «عجيب». وقال: «لا شك في أن إخواننا الذين بغوا علينا تقمّصهم شيطان الفتنة وسعوا بالنميمة إلى الحكّام». واتهم جهات داخل الحكم بتدبير مؤامرات للزج به في السجن، معتبراً أنه استُهدف بدافع «الغيرة والحسد». وهاجم من سمّاهم «المتآمرين» لتلفيقهم تقارير ضده ونقلها إلى البشير. وأضاف أنهم «تعجلوا كعادتهم، فإن قومي الذين أعرفهم دائماً تسبق سيولهم أمطارهم وتسبق سيوفهم عدلهم، وكانت الحكمة تقتضي التريث والتثبت، بخاصة لمن يظن انهم يد السلطة القوية وأركان دعوتها وسيوف نصرتها وأنصار حقها وأعوان عدلها مما يستوجب التريث». ونفى أن يكون عضواً في المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم أو المجموعات الإصلاحية فيه، لكنه أكد التزامه بعضويته في الحزب. وتابع: «إذا رفضني حزبي فخياراتي مفتوحة»، مشيراً إلى أنه سيلتقي البشير خلال أيام. وشن هجوماً لاذعاً على زملائه السابقين في السلطة، قائلاً: «إليكم جئت أشكو عصبة من عشيرتي أساؤوا إليّ». وشبَّه ما حدث له من اعتقال وسجن بما حدث لنبي الله يوسف عليه السلام من إخوته نتيجة الحسد والغيرة، وقال: «إنهم تآمروا عليه ليقتلوه وجاؤوا بدم كذب وأدخلوه الحبس». وأعلن «قوش» مسامحته وعفوه عن كلِّ من أساء إليه، وطلب بالمقابل «في شهر رمضان الكريم» العفو من كلِّ مواطن سوداني له عليه مظلمة. وقال: «أطلب العفو من كل سوداني له مظلمة عليّ في هذا الشهر العظيم». إلى ذلك، تعهد مركز الحوار الإنساني الذي يتخذ من جنيف مقراً له، مواصلة الجهود الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وتحالف متمردي «الجبهة الثورية» وقوى التحالف المعارض بهدف التوصل إلى حل سلمي للصراعات في السودان. وأنهت منظمة الحوار الإنساني في جنيف مشاوراتها غير الرسمية حول الأزمة السودانية بمشاركة ممثلين عن «الجبهة الثورية السودانية» والتحالف المعارض. وبحسب البيان الختامي فإن المشاركين أبدوا تأييدهم لتسوية النزاعات بالوسائل السلمية ومعارضتهم للوسائل العسكرية. وأسف المشاركون ومركز الحوار الإنساني ومراقبون دوليون لغياب ممثلي تحالف المعارضة الذين كان ينتظر وصولهم من الخرطوم ومنعتهم السلطات من مغادرة البلاد. وأكد المشاركون التزامهم السعي إلى تحقيق السلام باعتباره السبيل الوحيد لحل النزاعات السودانية، ودعوا إلى اتباع نهج شامل وتعهدوا العمل معاً والتعاون مع الجماعات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، لإيجاد أرضية مشتركة للتسوية السلمية للنزاعات في السودان. ووصف نائب رئيس «الجبهة الثورية» التوم هجو الاجتماع بأنه كان ناجحاً وعكس «وحدة وجدية» المعارضة التي تريد تغيير النظام «قولاً وفعلاً»، كما عكس للمجتمع الدولي استعداد المعارضة للجلوس والحوار مع أي جهة كانت. وأضاف هجو أن المعارضة استطاعت أن تثبت مع «الجبهة الثورية» أن خيارهم الأول هو الحل السلمي، ولكن ليس بمرجعية حزب المؤتمر الوطني الحاكم، مشيراً إلى أن النظام الحاكم «لا يسمع إلا صوت البندقية ولا يرى إلا لهيب النار»، وأن شعاره العملي أصبح أنك «إذا أردت أن تنال حقوقك فذلك غير متاح وعليك بانتزاعها». وتابع: «هذا يحدث الآن في كل أقاليم السودان». ووقع على «إعلان جنيف» إلى جانب التوم هجو عن «الجبهة الثورية» كل من علي الحاج محمد عن حزب المؤتمر الشعبي ويوسف الكودة عن حزب الوسط ومحمد زين العابدين عن الحزب الاتحادي الديموقراطي ومعاوية محمدين أحمد عن حزب التحالف السوداني. من جهة أخرى، قالت حكومة جنوب السودان إنها تلقت إخطاراً رسمياً من الخرطوم بوقف ضخ نفط الجنوب عبر السودان اعتبارا من 7 آب (أغسطس) المقبل وأنها بدأت خفض إنتاج النفط إلى 160 ألف برميل يومياً من 200 ألف برميل يومياً منذ الثلثاء. وقال الناطق وزارة خارجية جنوب السودان ميوين ماكول اريك إن حكومته ستخفض إنتاجها تدريجياً إلى أن يتوقف تماماً بانتهاء المهلة التي حددتها الخرطوم التي «ما زالت تتهمنا بدعم المتمردين وهو ما نفيناه. وقلنا إننا لا نفعل ذلك». وقال اريك في تصريح إن جنوب السودان دعا الصين التي تعتبر أكبر مستثمر في صناعة النفط في البلدين إلى التوسط بين الجانبين. وكان الرئيس البشير أبلغ ثلاثاً من الزعماء الأفارقة خلال زيارته أبوجا قبل يومين أن لديه معلومات عن أن حكومة جنوب السودان تخطط لتقديم مزيد من الدعم العسكري إلى حركات التمرد المناهضة لحكمه، متهماً جوبا بعدم التجاوب مع الإنذارات التي وجهتها إليها الخرطوم.