تتعدد صور تنازع الاختصاص إيجاباً وسلباً، فيكون إيجابياً بمعنى أن ينظر قاضيان أو محكمتان أوجهتان قضائيتان مختلفتان دعوى واحدة رفعت أمامهما، ولا تتخلى إحداهما عن نظر الدعوى، وقد يُصدر حكمان متعارضان في القضية ذاتها. ويكون هذا التنازع سلبياً حينما يمتنع قاضيان أو محكمتان أوجهتان قضائيتان مختلفتان عن نظر دعوى واحدة رفعت أمام كلٍ منهما، وقد يصدران حكمين بعدم الاختصاص منهما في القضية ذاتها أيضاً كما الإيجابي. ومما سبق يظهر أن تنازع الاختصاص قد يقع بين الجهات القضائية المتنوعة أو شبه القضائية. كما يرد أن يقع تنازع الاختصاص بين المحاكم في الجهة القضائية الواحدة، ويُتصور أيضاً وُقوع تنازع الاختصاص بين قضاة أو دوائر المحكمة الواحدة. ولعل أهم صور تنازع الاختصاص الموضوعية ما يتعلق بتنازع الاختصاص الولائي، ويسميه البعض الاختصاص الوظيفي، وهو تنازع يقع بسبب البحث في تحقق ولاية ناظر القضية من عدمها في ما هو معروض بين يديه من خصومه في أصل توليته بهذه الدعاوى. والأصل أن الولاية العامة في القضاء هي للمحاكم العامة، وتلحق بها المحاكم الجزئية المتخصصة التي قضى النظام بإنشائها، مثل محاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم الجزائية والتجارية - والتي لا تزال بديوان المظالم وسيتم سلخها وفقاً للآلية الجديدة لنظام القضاء لتكون تبعاً للقضاء العام - وكذا جميع ما صرح به النظام من محاكم. كما أن للمحاكم الإدارية في ديوان المظالم الولاية على ما نص عليه نظام ديوان المظالم في مادته (13). وكذلك يبقى عدد من اللجان ذات الاختصاص شبه القضائي التي لا يزال لها سلطة الفصل في بعض المنازعات. وما يقع من تنازع سلبي أو إيجابي بين هذه الجهات القضائية أو اللجان شبه القضائية في نظر الدعوى والفصل فيها أو الامتناع عن ذلك - وفقاً لما يراه ناظر القضية مقتضى النظام - يعتبر من التنازع الولائي بين تلك الجهات. * محام ومستشار قانوني. [email protected]