الإلهاء من الفنون السياسية الملازمة لإثارة الفتن والمشاكل في الشعوب كي تبقى في تيه بعيدة من الحقيقة والواقع، وهذا واضح في الشعب العراقي المظلوم. وفن الإلهاء ليس جديداً، فالخبراء يقولون ان سياسة إلهاء الشعوب هي سياسة قديمة قدم الإنسان نفسه، حيث كان ملوك الفراعنة والممالك القديمة يلهون شعوبهم بابتكار الأعياد والمناسبات التي يغدقون فيها الأموال أو مآدب الطعام بديلاً لمشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية. وفي العصر الحديث، يتم إخماد محاولات الانقلاب والتخلص من المعارضة بافتعال حروب خارج البلاد. وما نشهده اليوم في العراق، خصوصاً بعد 2003، من مشاكل وفقدان الأمن والأزمات السياسية وتراجع الزراعة والصناعة والصحة، يجعل العراقي غارقاً في بحر من المشكلات تجعله يتناسى دوره التاريخي، بل وينسى أخاه العراقي، وبهذا يتحقق فقدان المبادئ والأخلاق النبيلة نتيجة الضغوط الثقيلة واستمرار سياسة الحرمان والاستخفاف. نعم، ان علوم سياسة إلهاء الشعوب يتم تدريسها على المستويين الأكاديمي والسياسي لرجال الأمن وصانعي القرارات، وتقوم بتدريسها وتضع مناهجها وتنفذها جهة وحيدة هي الاستخبارات. وأمام هذه السياسة الرعناء، كان لا بد من جهة وطنية تفهم الشعب العراقي وتنبهه لما يجري من حوله وتثري الوعي السياسي والاجتماعي للمجتمع العراقي بكل أطيافه وتحذر من الوضع السيئ للعراق. وأسفي على العراق. لقد أمسى ساحة نزاع وحلبة صراع حتى صرنا نفرح بفتات الفتات. وإذا اردنا ان نخرج من مصيدة الإلهاء، علينا التمسك بالمرجعية الحقيقية الوطنية لأنها الكاشفة لعورات أهل الغطرسة والممهدة لطريق الخلاص والمنقذة من براثن الحيف والجور.