في الوقت الذي استعادت القوات النظامية السورية، مدعومة بميليشيا شيعية، السيطرة على بلدة السبينة المهمة جنوبدمشق ما يقطع خطوط امداد مقاتلي المعارضة عن هذه المنطقة، يبدأ «الائتلاف الوطني السوري» المعارض اجتماعاته في اسطنبول مساء اليوم لبت الموقف من مؤتمر «جنيف 2» الذي اعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن الأمل بأن يتم في الأيام المقلبة تحديد موعده. فيما اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان موسكو بإفشال الاتفاق على موعد للمؤتمر لأنها تريد تشكيل حكومة انتقالية بمشاركة الرئيس بشار الأسد. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني وعناصر «حزب الله» اللبناني ومقاتلي لواء أبو الفضل العباس الذي يضم مقاتلين شيعة من جنسيات سورية وأجنبية، سيطرت على بلدة السبينة الواقعة في الريف الجنوبيلدمشق، عقب اشتباكات عنيفة» استمرت تسعة أيام مع مقاتلي المعارضة. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»، إن «السبينة كانت أحد المعاقل الأساسية لمقاتلي المعارضة (قرب دمشق). عملياً باتت كل خطوط الإمداد مقطوعة عن مقاتلي المعارضة في جنوبدمشق». ويأتي التقدم الجديد للقوات النظامية بعد أسابيع قليلة من سيطرتها على بلدات الحسينية والذيابية والبويضة، الواقعة جنوب العاصمة وعلى طريق مطار دمشق الدولي. ويؤدي تقدم القوات السورية في هذه المناطق الى قطع خطوط الإمداد على مقاتلي المعارضة وعزل دمشق عن الغوطة الشرقية المعقل الرئيسي للمعارضة. كما انه يحكم الحصار على «الجيش الحر» في مخيم اليرموك الذي يخضع لحصار من طرفه الغربي باتجاه حي القدم وداريا ومعضمية الشام. وتوقعت مصادر المعارضة أن تكثف قوات النظام عملياتها للسيطرة على المخيم في الأيام المقبلة، مشيرة الى وصول امدادات عسكرية الى مناطق محيطة به. سياسياً، قال كيري، في مؤتمر صحافي في عمان: «أنا واثق من انه في غضون الأيام القادمة سيتم تحديد موعد وإذا كان الأمر يتعلق بتأخير أسبوع. سيتيح للناس وقتاً للاستعداد وإتاحة فرصة أكبر لاستكشاف مختلف الخيارات»، ذلك في اشارة الى اجتماع الهيئة العامة ل «الائتلاف» في اسطنبول يومي السبت والأحد المقبلين. في المقابل، قال اردوغان في مؤتمر صحافي في استوكهولم: ««تأجلت العملية مرة أخرى. لماذا؟ لأن موسكو تطلب من المعارضة أن تقبل حكومة انتقالية بمشاركة الأسد». الى ذلك، قالت مصادر المعارضة ل «الحياة» إن الهيئة السياسية ل «الائتلاف» ستجتمع اليوم قبل اجتماع الهيئة العامة، مشيرة الى ان ثلاث قضايا ستبحث في الاجتماعات، تتعلق باتخاذ موقف من «جنيف 2» والتصويت على الحكومة الانتقالية برئاسة احمد طعمة وضم «المجلس الوطني الكردي» الى الهيئة العامة. وقالت المصادر ان المعارضة تتجه الى المشاركة بمحددات تتعلق بتوافر ضمانات لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة خلال الربع الأول من العام المقبل. وفي لندن، قال مسؤولون كبار في أجهزة الاستخبارات البريطانية أمس إن سورية باتت الوجهة الأولى لما بات يُعرف ب «سياحة الجهاد»، وقدّروا عدد البريطانيين الذين سافروا إلى سورية للقتال إلى جانب فصائل المعارضة ب «المئات». وهذه المرة الأولى التي يتم فيها تقديم مثل هذا الرقم لعدد المقاتلين من دولة أوروبية واحدة في سورية. وقال رئيس جهاز الأمن البريطاني «أم آي 5» (الاستخبارات الداخلية) أندرو باركر أمام لجنة نيابية إن الأزمة السورية باتت عنصراً جاذباً للمتعاطفين مع «القاعدة» في بريطانيا، وإن احتكاك هؤلاء بجماعات متشددة في الخارج صار مصدر تهديد لأمن بريطانيا. وفي نيويورك، بدأت المجموعة العربية في الأممالمتحدة تحركاً يمكن أن يؤدي الى طرح مشروع قرار إنساني في شأن سورية في مجلس الأمن «يدعم إيصال المساعدات الإنسانية الى سورية تطبيقاً لبيان مجلس الأمن الرئاسي الذي صدر مطلع الشهر الماضي»، بحسب ديبلوماسيين عرب. وتقود المملكة العربية السعودية التحرك الذي «سيكون ترجمة عملية للقرار الوزاري العربي الأخير الذي شدد على ضرورة امتثال كل الأطراف في سورية وخصوصاً الحكومة الى بيان مجلس الأمن». وعقدت المجموعة العربية مشاورات على مستوى السفراء مساء الأربعاء «وكان طرح مشروع قرار على مجلس الأمن أحد الخيارات التي طرحت لدعم عمل منظمات الإغاثة الإنسانية في سورية خصوصاً في ضوء مناشدة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس المجلس للتحرك». ويستند التحرك العربي الى الاقتراحات التي قدمتها آموس الى مجلس الأمن في رسائل وتقارير دعت فيها المجلس الى ممارسة الضغط السياسي لتأمين ممرات إنسانية وتوسيع نطاق المساعدات داخل سورية وتسهيل دخول المنظمات الدولية وإعادة نشر مراكز المساعدات داخل البلاد ورفع عددها لتغطي المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة، فضلاً عن نشر مراقبين في كل أنحاء البلاد.