مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي في الجزائر العام المقبل، سُجل تقارب سياسي لافت بين حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يدعم ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة وحزب العمال اليساري المعارض. وتساءل مراقبون ما إذا كانت الأمينة العامة ل «العمال» لويزة حنون ستقلب الطاولة وتلتحق بتحالف رئيس حزب الغالبية عمار سعداني وزعيم «تجمع أمل الجزائر» عمار غول، نكايةً بكل من زعيميّ «التجمع الوطني الديموقراطي» عبد القادر بن صالح و»الحركة الشعبية الجزائرية» عمارة بن يونس. ويُعد الاجتماع المفاجئ بين سعداني وحنون، رسالةً من الأول لخصومه السياسيين، لاسيما بن يونس الذي رفض عرضه الحضور إلى المقر المركزي ل «جبهة التحرير الوطني» على رأس وفد سياسي لإعلان التحاقه بالتحالف الموالي لبوتفليقة. واعتبر سعداني أن التقارب مع «العمال» غير مفاجئ نظراً إلى انسجام المواقف بين الحزبين في ما يتعلق بالسياسات الاجتماعية والتوجهات الاقتصادية للحكومة. وأضاف أن «الحزبين متفقان على قراءة الوضع الإقليمي والدعوة إلى توحيد الصف الداخلي ضد أي تحديات أمنية أو فوضى إقليمية مبرمجة». ورأت زعيمة حزب العمال، وهي مرشحة سابقة للرئاسة، اثر لقائها سعداني مطلع الأسبوع الجاري، أن حزبها «يتفق مع رأي جبهة التحرير الوطني في أن «ما يسمى الربيع العربي هو فوضى مبرمجة هدفها زعزعة استقرار الدول والشعوب». وأكدت حنون أن هناك توافقاً بين الحزبين على «عدم منح الفرصة لأي طرف خارجي للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد لأن الدولة الجزائرية سيدة قراراتها». وأضافت أن «ما يسمى ثورات هو مناورات مضادة للشعوب والدول العظمى الداعمة لها هي اليوم في وضعية حرجة لأن التنظيمات المتطرفة تتحرك في سورية وليبيا». واللافت أن هذا التقارب يحدث بين حزبين كانت الخلافات بينهما في أوجها، وظلت القطيعة السياسية بينهما سنوات طويلة، إذ يتهم حزب العمال، «جبهة التحرير» بالهيمنة على الساحة السياسية الجزائرية وإفساد العمل البرلماني، في حين يتهم الحزب الحاكم، «العمال» بالمتاجرة بقضايا المفقودين والعاطلين من العمل. ولا يزال غير واضح ما إذا كانت حنون «تنازلت» سياسياً إثر صفقة ما، في مقابل دعمها الولاية الرابعة لبوتفليقة، علماً أنها لم تعارض أبداً رئيس الجمهورية شخصياً بل اقتصرت الانتقادات على المسؤولين. يُذكر أن حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يُعد بوتفليقة رئيساً فخرياً له، أطلق مبادرات سياسية في الآونة الأخيرة في اتجاه معظم أحزاب المعارضة، وذلك في إطار السعي لتوفير مناخ سياسي ملائم لترشيح بوتفليقة لولاية رابعة. وكانت حنون برزت في انتخابات مجلس الأمة في عام 2010 كشخصية سياسية محورية، بعد التحالفات غير المتوقعة بين أحزاب وكيانات لا توجد بينها قواسم سياسية ولا آيديولوجية مشتركة. وعقد حزب رئيس الوزراء في حينه أحمد أويحيى «التجمع الوطني الديموقراطي»، صفقة مع اليسار الذي تقوده لويزة حنون، الأمر الذي تسبب في إغضاب شريكيه في التحالف الرئاسي الذي حُلّ.