تعثّرت مساعي عمار سعداني الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني»، وحليفه عمر غول رئيس «تجمع أمل الجزائر»، في توسيع هذا الحلف الذي نشأ لدعم ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مجدداً، ليضم أيضاً كلاً من «التجمع الوطني الديموقراطي» و «الحركة الشعبية الجزائرية». ويوصف «التجمع الوطني» ب «حزب الإدارة» المقرب من أجهزة نافذة في الدولة، فيما يقترب الثاني من الدوائر العلمانية التي تكنّ خصومة للتيار الإسلامي. وتوقفت مساعي إقناع عمارة بن يونس زعيم «الحركة الشعبية» بالتحالف الرئاسي الذي يجمع «جبهة التحرير الوطني» (حزب الغالبية) و «تجمع أمل الجزائر»، كما توقفت خطوات شبيهة حاولت ربط التحالف مجدداً مع «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي شارك في تحالف رئاسي منذ 2003 جمعه ب «جبهة التحرير» و «حركة مجتمع السلم» (الإخوان المسلمين). وكانت «حركة مجتمع السلم» أول من غادر التحالف الرئاسي العام الماضي، قبل أن تقرر عدم المشاركة في الحكومة. وقد كان مرسوماً لهذه الأحزاب الأربعة أن تؤسس لتحالف رئاسي جديد يجمع التيار الوطني، وتيار الإسلام الحداثي، والتيار العلماني، بهدف دعم مشروع استمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم. لكن المشروع توقف في منتصف الطريق كأنه تلقى إشارات بعدم نية بوتفليقة في الترشح لولاية رابعة، أو هذا على الأقل ما فُهم من مصادر في «التجمع الوطني الديموقراطي» و «الحركة الشعبية الجزائرية». و «التجمع الوطني» هو ثاني قوة سياسية في البلاد، وكان حليفاً دائماً للسلطة في السنوات ال 15 الأخيرة، وقد شارك في تحالف رئاسي سابق برفقة «جبهة التحرير» و «حركة مجتمع السلم»، لكنه دخل في أزمة داخلية منذ إقالة الأمين العام السابق أحمد أويحيى وبروز تيارات تتصارع الولاء للرئيس بوتفليقة وأخرى ضده. أما الوزير عمارة بن يونس، فيوصف بالعلماني من مربع التيار الديموقراطي الذي حقق نتائج غير مسبوقة في انتخابات البرلمان الأخيرة وفي الانتخابات المحلية، على رغم حداثة نشأته (قبل عامين فقط). وقال الأمين العام لجبهة التحرير عمار سعداني عندما كان يرافع دفاعاً عن قيام التحالف الرئاسي الجديد، إن حزبه هو «حزب الرئيس بوتفليقة» وإن الأخير هو «الرئيس الفعلي للحزب ... وأبواب الرئاسيات القادمة في الحزب العتيد لا تزال مغلقة ولم يتم فتحها بعد». وكشف عن ملامح تحالف رئاسي سيضم أحزاباً أخرى من خلال قوله إن حزبه «يجري حالياً مشاورات وحوارات مع أحزاب أخرى ونريد أن نفتح معها نقاشاً حول قضايا وطنية كبرى ... نريد أن نمشي وفق خارطة طريق مع أحزاب أخرى تؤمن بالتعددية ونحن متفتحون للمعارضة ودعونا الأحزاب إلى فتح حوار كبير وواسع ونحن مستعدون للحوار مع جميع الأحزاب، سواء منها الصغيرة أو الكبيرة». وقد تسارعت خطوات التحالف فجأة ثم تضاءلت بالوتيرة ذاتها، إذ تزامن ذلك مع تزكية عمار سعداني أميناً عاماً للجبهة وتعيين مراد مدلسي رئيساً للمجلس الدستوري، مروراً بالتعديل الحكومي والتغييرات داخل مؤسسة الجيش. ويُعتقد أن التوافق قد تفرق مجدداً بين أحزاب السلطة حول استمرار بوتفليقة في الحكم بما أن الرؤية غائبة تماماً حول نيات الرئيس. وعلمت «الحياة» أن بياناً سياسياً قرأه نواب البرلمان عن «جبهة التحرير الوطني» و «تجمع أمل الجزائر» و «كتلة الأحرار» يوم الإثنين الماضي، كان يتضمن فقرة ملغاة تدعو بوتفليقة إلى الترشح لولاية أخرى، وتم الاكتفاء في آخر المطاف بفقرة تشير إلى «الالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية».