بهدوءٍ بدا أكبر من المتوقع، دخل الحجاب الى البرلمان التركي أمس، وسط احتجاج خجول للمعارضة الأتاتوركية، وذلك بعد نحو 14 عاما على محاولة أولى فاشلة لدخول البرلمان من النائب الإسلامية المحجّبة مروة قاوقجي، التي لم يطل بقاؤها تحت قبته أكثر من نصف ساعة. وبعد 9 عقود على تأسيس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية على أسس علمانية، أخذت 4 نائبات من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم أماكنهنّ من دون جلبة بين مقاعد النواب، بعد قرارهنّ ارتداء الحجاب الأسبوع الماضي، عكس ما حدث عام 1999 مع قاوقجي، عندما انتفض رئيس الوزراء الراحل بولند أجاويد ونواب «حزب اليسار الديموقراطي» لطردها من قاعة البرلمان، بحجة أن القوانين العلمانية للدولة ترى في الحجاب شعاراً لتيار الإسلام السياسي. وقال أجاويد للنواب: «هذا ليس مكاناً لتحدي الدولة. عرِّفوا هذه المرأة على حدودها». ووقف نصف النواب وصاحوا بقاوقجي، النائب عن حزب «الفضيلة» الإسلامي: «اخرجي، اخرجي». واضطرت إلى مغادرة قاعة البرلمان من دون أن تتمكّن من أداء القسم الدستوري ولا ممارسة مهماتها، كما سُحبت منها جنسيتها التركية بعدما تبيّن أنها تحمل الجنسية الأميركية من دون أن تبلغ السلطات. وكانت حكومة رجب طيب أردوغان رفعت حظراً على ارتداء الحجاب في مؤسسات حكومية، مستثنية القضاء والادعاء والمناصب العسكرية والأجهزة الأمنية. النائبات الأربع، غولاي صامانجي وسوده بيازيد كشار وغونول بكين شاهكولوبي ونورجان دالبوداك، كنّ سافرات حين انتُخبن العام 2011، لكنهنّ قرّرن ارتداء الحجاب بعد أدائهنّ مناسك الحج. وقالت شاهكولوبي: «أتوقع من الجميع احترام قراري، الحجاب مسألة بين المؤمن وربّه»، أما دالبوداك فتحدثت عن «بداية عصر مهم»، وزادت: «سنؤدي الدور الرئيس، ونكون حَمَلَة الراية، وهذا مهم جداً». وأعرب بولنت أرينش نائب رئيس الوزراء عن دعم مطلق لقرار النائبات، لافتاً إلى أن القانون لا يمنع ارتداء الحجاب في البرلمان، ومعتبراً أن المنع كان نتيجة تفسير متشدد لمفهوم العلمانية في تركيا. وأضاف: «مَن انتفضوا سابقاً لطرد النائب قاوقجي من البرلمان، رماهم الناخبون خارجه، ولا أثر لهم الآن في الساحة السياسية. انتظرنا بصبر أن تتعزز الديموقراطية». وإذ أيّد «حزب السلام والديموقراطية» الكردي و»حزب الحركة القومية» قرار ارتداء الحجاب في البرلمان، فضّل «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي حصر اعتراضه بمواقف تصويرية وكلمات عاطفية لنواب، إذ ارتدت نائبات الحزب قميصاً عليه صورة أتاتورك، فيما قالت النائب شفق بافاي: «حرمني هذا البرلمان الموقّر من حقي في ارتداء البنطلون، على رغم أن لي ساقاً مبتورة، واضطررت إلى إبراز ساقي المعدنية كل يوم من تحت فستاني، بسبب رفض نواب الحزب الحاكم ارتداء البنطلون في البرلمان. أبارك لزميلاتي المحجبات قرارهنّ ولحزب العدالة والتنمية قراره رفع القناع وإظهار وجهه الحقيقي». واعتبر محرم أنجي، النائب البارز عن «حزب الشعب الجمهوري»، أن «السلطة لا تتذكّر الدين إلا عندما تلوح انتخابات في الأفق»، مشيراً بذلك إلى الانتخابات البلدية المقررة العام المقبل. وأضاف: «لن نسمح باستغلال الأمر لأداء دور الضحية». ولفت إلى أن النائبات الأربع لم يدافعن إطلاقاً في البرلمان عن حقوق نسوة أخريات.